اختفاء بند دستوري من موقع مكتبة الكونغرس يثير جدلاً حول إدارة ترامب.

اختفاء حق الأمر بالمثول أمام القضاء من موقع مكتبة الكونغرس يثير الجدل


في واقعة أثارت جدلاً واسعاً، اختفى بند أساسي يتعلق بـ"حق الأمر بالمثول أمام القضاء" من الدستور الأمريكي، وذلك من على الموقع الرسمي لمكتبة الكونغرس. يُعد هذا الحق، الذي يُعتبر من المبادئ التي لا يفضلها دونالد ترامب، ضمانة أساسية تتيح للأفراد الطعن في قانونية احتجازهم وتُلزم السلطات بتقديم مبررات واضحة لسلب حريتهم.

ما هو حق الأمر بالمثول أمام القضاء؟


يُعرف "حق الأمر بالمثول أمام القضاء" (Habeas Corpus)، الذي يعني حرفياً باللاتينية "أحضِر الجسد"، بأنه أمر قضائي يلزم السلطات بتقديم المحتجز أمام المحكمة للتحقق من قانونية اعتقاله. ويُعتبر هذا الحق، الذي تمتد جذوره إلى وثيقة الماغنا كارتا لعام 1215، حجر الزاوية في حماية الحريات الفردية من أي احتجاز تعسفي وغير مبرر من قبل السلطة التنفيذية.

محاولات إدارة ترامب لتجاهل الحق


كان ستيفن ميلر، نائب رئيس أركان البيت الأبيض، قد أشار علناً إلى فكرة تعليق "حق الأمر بالمثول أمام القضاء" لدعم جهود ترامب في اعتقال وترحيل المهاجرين. كما حاولت كريستي نويم، التي تشغل منصب وزيرة الأمن الداخلي وتقود حملة ترامب للترحيل الجماعي، الادعاء بأن هذا الحق الدستوري يمنح الرئيس سلطة إبعاد الأفراد من البلاد، وهو تفسير يتناقض كليًا مع جوهر هذا الحق. وعندما وُجه سؤال لترامب حول التزامه بالإجراءات القانونية الواجبة ودعم الدستور، أجاب: "لا أعرف".

اختفاء البند وتفسير "الخلل الفني"


خلال الأسابيع الماضية، اختفى القسم 9 من المادة 1 من الدستور، الذي ينص صراحةً على: "لا يجوز تعليق امتياز الأمر بالمثول أمام القضاء، إلا في حالات التمرد أو الغزو عندما يتطلب الأمن العام ذلك"، من صفحة "الدستور المشروح" على موقع مكتبة الكونغرس. ومع حلول صباح اليوم، أبلغ مسؤولون في إدارة ترامب الموظفين بأن الحذف كان ناجماً عن "خلل فني". وعلى الفور، باشر الموظفون العمل على إصلاح الخلل، وتحديد أسباب حدوثه، ومراجعة أقسام الموقع الأخرى للتأكد من عدم وجود أي عمليات حذف مشابهة.

أثار تفسير "الخلل الفني" دهشة بعض الموظفين الفيدراليين، بالنظر إلى التزامن المريب بين الحذف وبين سعي إدارة ترامب الثانية المعلن لتفكيك أجزاء من الدستور. وفي تصريح ساخر لمجلة "رولينغ ستون"، علّق أحد الموظفين الفيدراليين المطلعين على الوضع قائلاً: "يا لها من مصادفة مضحكة".

تأكيد مكتبة الكونغرس وإعادة البند المحذوف


مطرقة قاضٍ فوق كتب القانون

وقد نشرت مكتبة الكونغرس تأكيداً على منصة "إكس" (تويتر سابقاً) هذا الصباح، أفادت فيه بأن الحذف كان نتيجة "خطأ برمجي". وجاء في التغريدة: "لقد لفت انتباهنا أن بعض أقسام المادة 1 مفقودة من موقع الدستور المشروح. علمنا أن هذا يرجع إلى خطأ برمجي. لقد عملنا على تصحيح ذلك ونتوقع حل المشكلة قريبًا". كما أضاف الموقع لافتة توضيحية نصها: "يواجه موقع الدستور المشروح حاليًا مشكلات في البيانات. نعمل على حل هذه المشكلة ونأسف للإزعاج".

بحلول فترة ما بعد الظهر، تمت إعادة الأجزاء المحذوفة من الدستور الأمريكي إلى صفحة الويب. وأفادت مكتبة الكونغرس لمجلة "رولينغ ستون" عبر بريد إلكتروني: "بسبب "خطأ فني"، كانت بعض أقسام المادة 1 مفقودة مؤقتًا من موقع الدستور المشروح. تم تصحيح هذه المشكلة، واستعادة الأقسام المفقودة".

دلالات الحذف ومحاولات السيطرة على مكتبة الكونغرس


تجدر الإشارة إلى أن مجرد حذف أجزاء من الدستور الأمريكي من صفحة ويب – خاصة لمؤسسة لا تُعتبر الوصي الرسمي على الدستور – لا يغير من القانون الأمريكي شيئًا. ولكن، بغض النظر عما تقوله الوثيقة، فقد كشف ترامب وكبار مساعديه عن نيتهم الواضحة في انتهاك الدستور قدر المستطاع.

يأتي هذا التعديل على موقع الدستور في وقت يسعى فيه ترامب لفرض سيطرته على مكتبة الكونغرس، رغم أن الوكالة تُعتبر تقنيًا جزءًا من الفرع التشريعي. تعمل المكتبة كذراع بحثي للكونغرس، بالإضافة إلى احتفاظها بأكبر مجموعة في العالم من الكتب، والمخطوطات، والخرائط، والصور، والتسجيلات.

وكان ترامب قد أعلن في مايو عن إقالته لـكارلا هايدن، أمينة مكتبة الكونغرس، قبل انتهاء فترة ولايتها البالغة 10 سنوات، وسعى لاستبدالها بنائب المدعي العام تود بلانش، الذي كان يعمل محاميًا شخصيًا لترامب. وقد قدمت هايدن استئنافًا الأسبوع الماضي أمام محكمة الاستئناف الأمريكية لدائرة مقاطعة كولومبيا، بعد أن رفض قاضٍ في وقت سابق طلبها بمنع إنهاء خدمتها.

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url