محاكمة نتنياهو وتطورات الأوضاع السياسية في إسرائيل (أكتوبر 2025)

يشهد المشهد السياسي الإسرائيلي تطورات متسارعة، تتصدرها محاكمة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتهم الفساد. تتزامن هذه التطورات مع مبادرات خارجية وتصاعد الانقسامات الداخلية. يستعرض هذا المقال أبرز هذه المستجدات، مع التركيز على الجوانب القانونية، السياسية، والصحية المتعلقة بقضية نتنياهو.

استئناف محاكمة نتنياهو وتأثير حالته الصحية

استؤنفت في 15 أكتوبر 2025 محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في تل أبيب، حيث يواجه تهم الرشوة والاحتيال. خلال الجلسة، اشتكى نتنياهو من أعراض صحية (سعال وزكام)، مما دعاه لطلب إنهاء الجلسة مبكرًا، وقد وافق القضاة على طلبه. أعلنت الحكومة الإسرائيلية لاحقًا أن نتنياهو يعاني من التهاب في القصبة الهوائية، وقد نصحه الأطباء بالراحة. كما أثارت مغادرته قاعة المحكمة بعد تلقيه رسالة تساؤلات حول تأثير ذلك على سير المحاكمة.

يواجه رئيس الوزراء نتنياهو اتهامات خطيرة في ثلاث قضايا فساد رئيسية، وهي: "القضية 1000" و"القضية 2000" و"القضية 4000". تتضمن هذه القضايا اتهامات بقبول رشاوى، الاحتيال، وخيانة الأمانة. ففي القضية 1000، يتهم نتنياهو بقبول هدايا فاخرة من رجال أعمال كبار. أما القضية 2000، فتدور حول صفقة مزعومة لتقويض صحيفة منافسة مقابل دعم إعلامي من "يديعوت أحرونوت". بينما تتعلق القضية 4000 بمنح مزايا تنظيمية لشركة الاتصالات "بيزك" مقابل تغطية إيجابية من موقع "والا" الإخباري. المصدر: الجزيرة

تدخل الرئيس الأمريكي السابق ترامب ومقترح العفو عن نتنياهو

تأتي هذه التطورات في سياق تدخل خارجي بارز، حيث دعا الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوج إلى العفو عن بنيامين نتنياهو. وصف ترامب هذا الطلب بأنه "عفوي"، لكنه أثار جدلاً واسعاً حول مدى تأثير الضغوط الخارجية على استقلالية القضاء الإسرائيلي. يتزامن هذا المقترح مع جهود ترامب لإطلاق سراح الرهائن من حماس، مما يضع قضية نتنياهو ضمن إطار أوسع من التفاعلات السياسية والإقليمية.

انقسامات سياسية عميقة وتصعيد داخلي في إسرائيل

أدت قضايا الفساد الموجهة لرئيس الوزراء نتنياهو إلى انقسامات سياسية حادة وعميقة داخل إسرائيل. شهدت محكمة تل أبيب حضورًا ملحوظًا لوزراء وأعضاء الكنيست الذين جاءوا لدعم نتنياهو والمطالبة بإلغاء المحاكمة. في المقابل، تظاهر العشرات من الإسرائيليين خارج المحكمة احتجاجاً على نتنياهو ومؤيديه، مما أسفر عن مناوشات ومواجهات لفظية. يعكس هذا التصعيد حدة الاستقطاب السياسي الذي يشهده المجتمع الإسرائيلي، مع تزايد المخاوف بشأن تأثير هذه الانقسامات على استقرار المؤسسات الديمقراطية في البلاد.

تؤكد الإحصائيات أن الرأي العام الإسرائيلي منقسم بشدة حول محاكمة نتنياهو وإصلاحاته القضائية المقترحة. فقد كشف استطلاع رأي سابق أجرته القناة 12 الإسرائيلية أن 61% من الجمهور يعتقدون بضرورة استقالة نتنياهو في حال إدانته، بينما يرى 30% أنه يجب أن يستمر في منصبه. المصدر: رويترز. تمثل هذه الانقسامات تحديًا جوهريًا أمام الاستقرار السياسي في إسرائيل.

محاولات لتعطيل محاكمة نتنياهو وتعديل القوانين الإسرائيلية

في محاولة لتعطيل محاكمة نتنياهو، دعا وزير العدل الإسرائيلي إلى إقرار قانون يمنح وزير الدفاع سلطة تعليق المحاكمات خلال حالات الطوارئ. وبالإضافة إلى ذلك، أعلن وزير القضاء عن نيته تقديم قانون يسمح بوقف وتأجيل محاكمة نتنياهو، مشيرًا إلى أن محاكمة رئيس الوزراء تتعارض مع مبادئ العدالة ومصلحة الدولة. يُنظر إلى هذه المقترحات من قبل معارضي نتنياهو كجزء من جهود أوسع تهدف إلى إضعاف السلطة القضائية وحماية رئيس الوزراء من المساءلة القانونية. وقد عزز الانتقاد العلني للمحاكمة من قبل وزير العدل الشكوك حول استقلالية القضاء في هذه القضية الحساسة.

مستقبل القضية وتداعياتها المحتملة على المشهد السياسي

تظل محاكمة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في منعطف حاسم، مع تداخل معقد للعوامل الصحية، السياسية، والقانونية. لا يزال الغموض يكتنف ما إذا كانت الحالة الصحية لنتنياهو ستؤثر على مسار المحاكمة أو تؤدي إلى تأجيلها. كما أن مصير مقترحات القوانين الرامية إلى تعطيل المحاكمة سيحدد إلى حد كبير مستقبل هذه القضية. بغض النظر عن النتيجة، سيكون لهذه القضية تداعيات عميقة على المشهد السياسي الإسرائيلي وعلى مستوى الثقة في المؤسسات الديمقراطية، خاصة في ظل الجدل المحتدم حول إصلاحات نتنياهو القضائية التي يرى فيها معارضوه تهديدًا لاستقلال القضاء. ومن الجدير بالذكر أن المحكمة الجنائية الدولية أصدرت مذكرات اعتقال بحق نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت في نوفمبر 2024 بتهمة ارتكاب جرائم حرب، مما يضيف بعدًا دوليًا معقدًا للقضايا القانونية التي يواجهها. المصدر: المحكمة الجنائية الدولية