الاقتصاد الإسرائيلي في مرمى النيران: هل ينقذه الدعم الأمريكي من عزلة دولية متزايدة؟
تدهور الاقتصاد الإسرائيلي: دور الدعم الأمريكي وتصاعد التحركات الدولية للمساءلة
مقدمة
مقدمة: يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تدهورًا متصاعدًا، تفاقم بفعل عدم الاستقرار السياسي الداخلي والحرب الدائرة في غزة. هذه الحرب أسفرت عن اتهامات لإسرائيل بارتكاب انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان قد تصل إلى مستوى جرائم حرب. بالتوازي مع ذلك، يشهد تدفق الاستثمارات الأجنبية تراجعًا ملحوظًا، في حين يبقى الدعم المالي الأمريكي الضخم ركيزة أساسية للحفاظ على الاستقرار الاقتصادي الإسرائيلي وتعزيز قدراته العسكرية. سيتناول هذا المقال العوامل الرئيسية وراء هذا التدهور الاقتصادي، ويحلل الأهمية المحورية للدعم الأمريكي، ويبحث في التحركات الدولية المتزايدة الهادفة إلى مساءلة إسرائيل عن ممارساتها.
تداعيات الحرب على الاستثمار الأجنبي في إسرائيل

لقد تسببت الحرب في غزة في انخفاض حاد ومقلق في حجم الاستثمارات الأجنبية المتجهة إلى إسرائيل. تشير التقارير إلى تدهور واضح في ثقة المستثمرين نتيجة لتزايد المخاوف الأمنية والسياسية. فخلال النصف الأول من عام 2024، سجلت إسرائيل انخفاضًا بنسبة 18% في عدد الكيانات الاستثمارية الأجنبية النشطة مقارنة بالفترة ذاتها من العام الماضي، ما يؤكد قلق المستثمرين المتزايد من الوضع الراهن. المصدر: تايمز أوف إسرائيل. على الرغم من هذا التراجع، فقد تم التخفيف من حدة آثاره السلبية بفضل التدفق المتواصل للمساعدات المالية والعسكرية من الولايات المتحدة، والتي تُعدّ شريان الحياة الرئيسي للاقتصاد الإسرائيلي. هذا الدعم الأمريكي يمكّن إسرائيل من الاستمرار في عملياتها العسكرية دون التعرض لضغوط مالية فورية، مما يحدّ من تفاقم الأزمات الاقتصادية الداخلية.
صندوق الثروة السيادي النرويجي: تحركات دولية حاسمة للمساءلة

اتخذ صندوق الثروة السيادي النرويجي، وهو الأكبر عالميًا، قرارًا تاريخيًا بسحب استثماراته من 29 شركة لها ارتباطات بإسرائيل. من بين هذه الشركات، كانت "كاتربيلر"، وقد جاء هذا القرار بدافع مخاوف إنسانية تتعلق باستخدام آلياتها في هدم الممتلكات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة. صدر هذا القرار عقب مراجعة حكومية أشرف عليها وزير المالية النرويجي ينس ستولتنبرغ، وقد أثار استياءً واسعًا، لا سيما في واشنطن.
في هذا السياق، أعرب السيناتور الجمهوري ليندسي غراهام عن غضبه الشديد وهدد بفرض قيود على تأشيرات دخول موظفي الصندوق، ما يوضح حجم التوترات المتزايدة بين الدول التي تدعم إسرائيل وتلك التي تسعى إلى مساءلتها. هذا التحول في موقف الصندوق النرويجي يمثل دلالة واضحة على تحولات عالمية في توجهات المستثمرين والمؤسسات المالية، حيث تتصاعد الضغوط الأخلاقية والسياسية لتجنب دعم الشركات المتورطة في انتهاكات حقوق الإنسان.
الدعم الأمريكي: جدل المساعدة الاقتصادية والتواطؤ السياسي
يتجاوز الدور الأمريكي مجرد تقديم المساعدات المالية والعسكرية، ليمتد إلى حماية إسرائيل سياسيًا على الساحة الدولية، الأمر الذي يضعف من تأثير الضغوط الدبلوماسية الموجهة إليها. يعتبر العديد من المنتقدين أن هذا الدعم ليس فقط مساعدة اقتصادية، بل هو شكل من أشكال التواطؤ في السياسات الإسرائيلية المثيرة للجدل، خاصة مع تصاعد اتهامات بارتكاب جرائم حرب في غزة. إن هذا الدعم الأمريكي يمكّن إسرائيل من مواصلة عملياتها العسكرية دون مواجهة عواقب اقتصادية مباشرة، مما يسهم في استمرارية سياساتها في غياب رادع دولي فعال.
الخلاصة: نحو مساءلة دولية وتحديات الاقتصاد الإسرائيلي
يبقى مستقبل الاقتصاد الإسرائيلي مرهونًا إلى حد كبير بـ استمرار الدعم الأمريكي. ومع ذلك، تشير التحركات الدولية المتنامية، مثل قرار الصندوق النرويجي، إلى ارتفاع الوعي العالمي وتصاعد الضغط على إسرائيل. لتعزيز جهود المساءلة الفعالة، من الضروري القيام بما يلي:
- توسيع نطاق سحب الاستثمارات من الشركات المرتبطة بـ انتهاكات حقوق الإنسان في فلسطين.
- كشف الدور الأمريكي في تمويل الاقتصاد الإسرائيلي وعملياته العسكرية، مما قد يحفز ضغوطًا شعبية ودولية لإعادة تقييم هذا الدعم الحيوي.
- تكثيف التحركات الدبلوماسية والقانونية الرامية إلى مساءلة إسرائيل عن سياساتها، خاصة في ظل تزايد الأدلة الدامية على انتهاكات حقوق الإنسان.
إن مواجهة الدعم الأمريكي لإسرائيل تعد خطوة أساسية نحو تحقيق العدالة، فمن غير الممكن فصل الاقتصاد الإسرائيلي عن سياساته العسكرية دون ضغط دولي منسق ومكثف.