إنترنت "بطاقات الهوية": كيف تهدد قوانين التحقق من العمر خصوصيتك وحريتك؟

تحديات وحلول التحقق من العمر عبر الإنترنت: حماية الخصوصية وسلامة الأطفال

مرحبًا بكم في عصر "بطاقات الهوية" الرقمية على الإنترنت، حيث يتزايد تطبيق إجراءات التحقق من العمر للمحتوى المخصص للبالغين ومنصات التواصل الاجتماعي. في عام 2018، سعت حكومة المملكة المتحدة لفرض بوابات إلزامية صارمة لتحديد العمر على مواقع البالغين، بما في ذلك فكرة "بطاقة مرور المحتوى الإباحي". ورغم أن الفكرة بدت غير عملية وكشفت عن صعوبة الموازنة بين الخصوصية والتنظيم، وأُلغي المشروع في عام 2019، إلا أن قضايا التحقق من العمر عادت بقوة، حيث يحقق مؤيدو هذه الإجراءات انتصارات متتالية في سعيها لخلق بيئة رقمية أكثر أمانًا.

الانتشار الحالي لتشريعات التحقق من العمر

توسع القوانين

قوانين التحقق من العمر تتوسع عالمياً لتشمل منصات التواصل والمحتوى المخصص للبالغين.

وصول الأطفال

أطفال بعمر 8 سنوات يصلون لمواد إباحية، و16% من المراهقين يشاهدون محتوى ضار.

توازن صعب

تحدي الموازنة بين حماية الأطفال وحرية التعبير والخصوصية في التشريعات الجديدة.

تتوسع قوانين التحقق من العمر لتشمل المزيد من المنصات الرقمية. يفرض قانون السلامة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة الآن تحديد العمر على معظم منصات التواصل الاجتماعي بالإضافة إلى المواقع الإباحية. ويهدف القانون إلى حماية من تقل أعمارهم عن 18 عامًا من المحتوى الضار، مثل المواد المتعلقة بالإباحية، وإيذاء النفس، والانتحار، واضطرابات الأكل (gov.uk، 2025). وقد أظهرت الأرقام أن أطفالًا لا تتجاوز أعمارهم 8 سنوات قد وصلوا إلى مواد إباحية عبر الإنترنت، وأن 16% من المراهقين شاهدوا محتوى يشوه صورة الجسد أو يروج لاضطرابات الأكل خلال أربعة أسابيع (gov.uk، 2025).

يتم حاليًا تجربة إجراءات التحقق من العمر في الاتحاد الأوروبي وأستراليا، وهي محل نقاش حاد في دول أخرى مثل كندا. وقد وافقت المحكمة العليا في الولايات المتحدة على التحقق من العمر للمحتوى المخصص للبالغين، وسمحت مؤقتًا بمتطلبات العمر لـ التواصل الاجتماعي. وقد تم تجاهل مخاوف النقاد بشأن الخصوصية وحرية التعبير إلى حد كبير، وبدأت الشركات التي اعترضت سابقًا في الامتثال لهذه الإجراءات.

لماذا هذا التحول نحو التحقق من العمر؟


صورة تعرض كتبًا على رف مع مصباح متوهج

يمكن القول إن العامل الرئيسي في هذا التحول هو أن الإنترنت قد سيطر على المزيد والمزيد من جوانب حياتنا، وأصبح الكثير من الناس مستاءين منه. وقد أكد منتقدو التحقق من العمر لفترة طويلة أنه حتى لو لم تكن تهتم بالمحتوى الصريح، يجب أن تقلق من أن قوانين التحقق من العمر ستمنع الأطفال من الوصول إلى الموارد التعليمية القيمة، بينما تجعل البالغين مترددين في الوصول إلى الخطاب الهادف على الإنترنت. ومع ذلك، يبدو أن هناك شريحة متزايدة عبر الطيف السياسي تشكك في وجود الكثير من القيمة على الإنترنت على الإطلاق.

تشير الدراسات العلمية إلى أن المحتوى الإباحي ومنصات التواصل الاجتماعي تؤثر سلبًا على الصحة العقلية والرفاهية العاطفية والسلوك الجسدي للأطفال. على سبيل المثال، طلاب الصف الثامن الذين يقضون 10 ساعات أو أكثر أسبوعيًا (1.4 ساعة يوميًا) على وسائل التواصل الاجتماعي، يكونون أكثر عرضة بنسبة 56% للإبلاغ عن عدم السعادة. وتشير دراسة أخرى إلى أن المراهقين الذين يقضون أكثر من ثلاث ساعات يوميًا على وسائل التواصل الاجتماعي يواجهون ضعف خطر النتائج الصحية العقلية السيئة (heritage.org، 2025). في عام 2023، أظهرت إحصائيات أن 95% من المراهقين يمتلكون هواتف ذكية، ارتفاعًا من 23% في عام 2011، مما يسهل الوصول إلى المحتوى الضار (heritage.org، 2025).

يُعدّ التحقق من العمر الفعّال هو الحل الوحيد الذي سيمنع الأطفال دون سن 13 عامًا - أو أي عمر يحدده المشرعون - من استخدام منصات التواصل الاجتماعي، والقاصرين من مواقع المحتوى الإباحي. بينما تُعتبر الطرق التقليدية مثل إدخال تاريخ الميلاد أو استخدام برامج التصفية غير فعالة، حيث يوضح تقرير صادر عن Common Sense Media أن 68% من الأطفال دون 13 عامًا يستخدمون وسائل التواصل الاجتماعي (heritage.org، 2025).

مخاطر تطبيق قوانين التحقق من العمر


شاشة حاسوب تعرض رسومًا بيانية ومخططات متنوعة

تُظهر عمليات إطلاق التحقق من العمر الأولية العديد من تحذيرات النقاد، على الأقل على المدى القصير. فقد أظهر إطلاق قانون السلامة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة بسرعة كل مشكلة يمثلها التحقق من العمر. كانت هناك شبكة من الخدمات المختلفة لتقديم الهوية أو مسح الوجه، وكل واحدة منها تخلق خطرًا أمنيًا جديدًا في حالة حدوث خرق. كانت هناك طرق بسيطة لتجاوز الحظر، مثل أوضاع التصوير في ألعاب الفيديو. كان هناك تدفق لاستخدام VPN، تبعته تساؤلات مشؤومة (وإن كانت مرفوضة حتى الآن) حول حظر VPN. وقد قامت شبكات التواصل الاجتماعي بحظر المحتوى الذي اعتبره الكثيرون مناسبًا وقيّمًا للقاصرين، بالإضافة إلى عدد من المواقع الصغيرة التي اختارت مغادرة البلاد.

تثبت قوانين التحقق من العمر - كما كان متوقعًا - أنها تثقل كاهل الخدمات الأصغر حجمًا بشكل غير متناسب. على الجانب الآخر من المحيط الأطلسي، شهدت الولايات المتحدة عمليات إطلاق أكثر تفاوتًا، وكانت بعض الولايات تفرض بالفعل تحديد العمر على المحتوى الإباحي في انتظار حكم المحكمة العليا بشأنه. ولكن لا تزال هناك مؤشرات واضحة على المخاطر. بدأت شبكة التواصل الاجتماعي Bluesky في حظر المستخدمين من ميسيسيبي بعد أن سمحت المحكمة العليا بتطبيق قانون تحديد العمر على التواصل الاجتماعي في تلك الولاية، قائلة إن بعض الأحكام، مثل التتبع المستمر للمستخدمين الأطفال، سيكون من الصعب جدًا الامتثال لها.

إن الشيء الوحيد المفقود في هذه المرحلة هو الكشف عن نطاق واسع للمعلومات الشخصية المقدمة خصيصًا بموجب قانون التحقق. لكننا نقترب من ذلك. في وقت سابق من هذا الشهر، تم اختراق مزود خدمة عملاء تابع لـ Discord، مما أدى إلى تسريب بيانات المستخدمين التي تضمنت ما يصل إلى 70,000 هوية حكومية للمستخدمين. قبل ذلك، قدم اختراق كارثي لتطبيق نصائح المواعدة Tea لمحة عن مدى خطورة تسريب هويتك عبر الإنترنت.

تقنيات التحقق من العمر المتاحة

التحقق البيومتري

تقدير العمر عبر صور السيلفي أو مقاطع الفيديو وميزات الوجه.

الإدخال المباشر للمعلومات

طلب معلومات شخصية مفصلة مثل الاسم وتاريخ الميلاد والعنوان.

التحقق المجهول

التحقق من العمر بشكل مجهول من خلال رمز مؤقت يشارك معلومات العمر التقريبي.

التحقق القائم على الموقع

تقييم موقع المستخدم باستخدام بيانات GPS وأبراج الاتصال وشبكات Wi-Fi.

تتوفر حاليًا العديد من تقنيات التحقق من العمر التي تتجاوز مجرد إدخال تاريخ الميلاد. تشمل هذه التقنيات:

  • التحقق البيومتري: تستخدم شركات مثل Yoti وFaceTec صور السيلفي أو مقاطع الفيديو لتقدير عمر المستخدم بناءً على ميزات الوجه، مع ضمان حذف الصور بعد التحقق. تدعي Yoti دقة تصل إلى 99.65% في تقدير عمر المستخدمين بين 13 و17 عامًا بأنهم دون 23 عامًا (heritage.org، 2025).
  • الإدخال المباشر للمعلومات الشخصية: تتطلب بعض المواقع، مثل مواقع المقامرة عبر الإنترنت، من المستخدمين تقديم معلومات شخصية مفصلة مثل الاسم الكامل وتاريخ الميلاد والعنوان وأربعة أرقام أخيرة من رقم الضمان الاجتماعي للتحقق من الهوية والعمر (heritage.org، 2025).
  • التحقق المجهول: كانت لويزيانا أول ولاية أمريكية تفرض التحقق من العمر لمواقع المحتوى الإباحي، باستخدام تطبيق LA Wallet الذي يسمح للمواقع بالتحقق من العمر بشكل مجهول من خلال رمز مؤقت، حيث تتم مشاركة معلومات العمر التقريبي فقط دون الكشف عن الهوية الكاملة للمستخدم (heritage.org، 2025).
  • التحقق القائم على الموقع الجغرافي: يمكن للمشرعين تعزيز متطلبات التحقق من العمر من خلال إلزام المنصات بتقييم موقع المستخدم باستخدام بيانات GPS وأبراج الاتصال وشبكات Wi-Fi، وليس فقط عنوان IP، مع الأخذ في الاعتبار استخدام الشبكات الافتراضية الخاصة (VPNs) التي يمكن أن تُستخدم للتحايل على هذه القيود (heritage.org، 2025).

يستغرق ظهور أي فوائد للتحقق من العمر وقتًا، مما يجعل الجدل حول ما إذا كانت تستحق التنازلات أمرًا صعبًا. بعض الأضرار المزعومة التي تبرر تحديد العمر يسهل تجاهلها، مثل مزاعم المحافظين الأمريكيين غير المؤكدة بأن المحتوى الإباحي يضعف نمو الدماغ. البعض الآخر قضايا معقدة وغير محسومة، مثل ما إذا كانت منصات التواصل الاجتماعي بشكل عام تضر بالصحة العقلية للمراهقين. ولا يزال البعض الآخر مآسي فردية واضحة، مثل حالات التحرش والابتزاز الجنسي - والسؤال هو ما إذا كانت هناك طرق أخرى أقل تطرفًا لمنعها.

ماذا بعد؟ مستقبل التحقق من العمر عبر الإنترنت

قانون السلامة (المملكة المتحدة)

قانون ساري المفعول مع نقاشات سياسية حادة حول حرية التعبير وتأثيره.

تجارب الاتحاد الأوروبي وأستراليا

إجراءات التحقق من العمر تخضع للاختبار في الاتحاد الأوروبي، وتبدأ في أستراليا ديسمبر المقبل.

وضع الولايات المتحدة

التحقق على مواقع البالغين باقٍ، لكن التحقق الشامل على منصات التواصل الاجتماعي متزعزع.

ضغط الشركات

الشركات الكبرى تضغط لتحميل المسؤولية على مشغلي متاجر التطبيقات بدلاً من الخدمات الفردية.

تعزيز المنصات

منصات مثل Roblox وYouTube تعزز إجراءاتها الخاصة للتحقق من العمر.

أصبح قانون السلامة عبر الإنترنت، الذي يتضمن أحكامًا أخرى، مثل مطالبة المواقع بتقديم تقييمات المخاطر، قضية سياسية. في يوليو، قال رئيس وزراء المملكة المتحدة كير ستارمر إنه يشعر "بقوة شديدة بوجوب حماية شبابنا المراهقين"، وذكر رد حكومي على عريضة بأنه "لا توجد خطط لإلغاء قانون السلامة عبر الإنترنت". لكن القانون عادى مواقع أمريكية، مثل 4chan، التي تتماشى بشكل فضفاض مع دونالد ترامب، ووعد زعيم حزب الإصلاح في المملكة المتحدة، نايجل فاراج، بإلغائه بسبب مخاوف تتعلق بحرية التعبير.

تستمر دول أخرى في خططها. فإجراءات التحقق من العمر في الاتحاد الأوروبي تخضع حاليًا للاختبار، ومن المقرر أن تبدأ إجراءات أستراليا في ديسمبر.

يبدو أن التحقق من العمر على المواقع الإباحية باقٍ في الولايات المتحدة، لكن التحقق الشامل على منصات التواصل الاجتماعي على أرض مهتزة. فعلى الرغم من السماح لقانون ولاية ميسيسيبي بالمضي قدمًا في الوقت الحالي، إلا أن التعليق الوحيد الذي قدمته المحكمة العليا يقول إنه على الأرجح غير دستوري. وقد تكون المنطقة الرمادية الأكثر تعقيدًا هي المواقع التي لا تحظر المحتوى الإباحي ولكنها تستضيف أيضًا كميات هائلة من المواد الأخرى، مثل Reddit و Bluesky.

الشركات مشغولة بمحاولة التخلص من المسؤولية. تخوض ميتا وجوجل وآبل حرب ضغط في الولايات المتحدة حول قوانين تضع مسؤولية التحقق من الأعمار على عاتق مشغلي متاجر التطبيقات بدلاً من الخدمات الفردية - تعجب ميتا هذه الفكرة بشكل غير مفاجئ، بينما لا تعجب آبل وجوجل بشكل غير مفاجئ أيضًا.

لكن بغض النظر عن نتائج القوانين، فإن العديد من المنصات - بما في ذلك Roblox و يوتيوب - تعزز إجراءات التحقق من تلقاء نفسها. تتضمن هذه الإجراءات أحيانًا تحليل تواريخ إنشاء الحساب وأنماط الاستخدام بدلاً من طلب هويات أو مسح الوجه. ولكن إذا أخطأ هذا التحليل في تحديد عمر المستخدم، فغالبًا ما سيتعين عليه تحميل… كما خمنت، بطاقة هوية تحمل صورة.

بالمناسبة، ليست أوروبا وأمريكا الشمالية هما الرائدتان في عمليات التحقق من الهوية عبر الإنترنت. فقد بدأت كوريا الجنوبية في مطالبة مستخدمي الإنترنت بتقديم أسمائهم الحقيقية في وقت مبكر من عام 2004، وقد نظمت الصين استخدام الأطفال لـ الإنترنت وصولًا إلى الساعات التي يمكنهم فيها ممارسة ألعاب الفيديو. ومع ذلك، تم تعديل قوانين كوريا الجنوبية وتجاوزها في بعض الحالات من قبل المحاكم بسبب مشاكل عملية ومخاوف تتعلق بالخطاب، بينما تعد قوانين الصين جزءًا من نظام مراقبة ورقابة يعاقب الآن الأشخاص على "الحزن عبر الإنترنت".

بدائل ذات مغزى لتعزيز السلامة الرقمية

زيادة التمويل

زيادة التمويل للوكالات التي تحقق في استغلال الأطفال عبر الإنترنت.

قوانين تستهدف السلوكيات الضارة

سن قوانين تستهدف سلوكيات ضارة محددة مثل الإعلانات المتطفلة ومعايير الخصوصية المتساهلة.

معايير خصوصية قوية

وضع تشريعات تحمي خصوصية البيانات وأمنها، مثل تقليل جمع البيانات.

التحقق على مستوى نظام التشغيل/المتجر

تطبيق التحقق من العمر على مستوى نظام التشغيل أو متجر التطبيقات بدلاً من كل خدمة.

هناك العديد من المقترحات لسلامة الأطفال التي لا تُعد تفويضات صريحة لتحديد العمر، ولكنها قد ترقى إلى بوابات خلفية - فأي قاعدة تضيف متطلبات خاصة للمستخدمين دون السن القانونية تستلزم منطقيًا أن تحدد المواقع هؤلاء المستخدمين بطريقة ما.

ومع ذلك، يمتلك المشرعون بدائل ذات مغزى. وتشمل هذه البدائل زيادة التمويل للوكالات التي تحقق في استغلال الأطفال عبر الإنترنت و قوانين تستهدف سلوكيات ضارة محددة مثل الإعلانات المتطفلة ومعايير الخصوصية المتساهلة لجميع الأعمار. تمتلك الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بالفعل أطرًا شاملة للخصوصية الرقمية. أما الولايات المتحدة، فهي تفتقر إلى ذلك بشدة، مما يجعلها في وضع سيء للغاية لبدء الحد من إخفاء الهوية عبر الإنترنت.

تتضمن التوصيات للمشرعين أيضًا وضع تشريعات تتطلب من المواقع المخصصة للبالغين ومنصات التواصل الاجتماعي تطبيق التحقق من العمر، بالإضافة إلى التحقق من العمر على مستوى نظام التشغيل أو متجر التطبيقات. ويجب أن تتضمن هذه التشريعات تدابير معقولة لحماية خصوصية البيانات وأمنها، مثل تقليل جمع البيانات، وتحديد مدة الاحتفاظ بها، وحظر نقل البيانات الحساسة دون موافقة الفرد (heritage.org، 2025).

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url