إثيوبيا والزلازل وسد النهضة: هل هناك علاقة؟
سلسلة زلازل تضرب إثيوبيا: تقييم المخاطر وتأثيرها المحتمل على سد النهضة
في أكتوبر 2025، شهدت إثيوبيا سلسلة من الهزات الأرضية المتتالية التي أثارت قلقًا واسعًا، لا سيما مع وجود سد النهضة الإثيوبي. يستعرض هذا المقال تفاصيل هذه الزلازل الأخيرة، ويُقيّم المخاطر المحتملة، ويوضح العلاقة المترابطة بين النشاط الزلزالي في المنطقة وسد النهضة.
الهزات الأرضية الأخيرة: تفاصيل وتوزيع جغرافي
بدأت سلسلة الزلازل الأخيرة في إثيوبيا بهزة أرضية قوية بلغت 5.3 درجة على مقياس ريختر، وقد ضربت شمال غرب مدينة ميكيلي، بحسب مركز رصد الزلازل الأوروبي المتوسطي. مقياس ريختر هو أداة لوغاريتمية لقياس قوة الزلازل بناءً على سعة الموجات الزلزالية. وفي 11 أكتوبر 2025، شهد شمال إثيوبيا أربع هزات أرضية إضافية، وصل أقواها إلى 5.6 درجة. استمر هذا النشاط الزلزالي لليوم التالي، حيث سجلت سبع هزات أرضية في 12 أكتوبر تراوحت قوتها بين 4 و4.9 درجات.
تجدر الإشارة إلى أن إثيوبيا سجلت أكثر من 30 هزة أرضية منذ مطلع عام 2025، إلى جانب ثوران بركاني في يناير من العام ذاته. هذا يشير إلى زيادة ملحوظة في النشاط التكتوني والبركاني في المنطقة. يُعزى هذا النشاط الزلزالي والبركاني المرتفع في إثيوبيا إلى موقعها الاستراتيجي على طول الصدع الإفريقي العظيم (Great Rift Valley)، وهي منطقة جيولوجية تتميز بتباعد الصفائح التكتونية، مما يؤدي إلى تشكل الشقوق البركانية وحدوث الزلازل المتكررة.
العلاقة بين النشاط الزلزالي وسد النهضة: تقييم المخاطر
أثار إنشاء سد النهضة استفسارات عديدة حول تأثيره المحتمل على النشاط الزلزالي في المنطقة المحيطة. في هذا الصدد، أفاد الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا بجامعة القاهرة، بأن مراكز الزلازل التي شهدتها إثيوبيا مؤخرًا تبعد حوالي 600 كيلومتر عن السد، مما يعني عدم وجود تأثير مباشر حالي لسد النهضة على النشاط الزلزالي. إلا أنه حذر من أن زيادة النشاط الزلزالي في إثيوبيا بعد اكتمال بناء السد وخلال ملئه هي أمر وارد، ويستدعي إجراء دراسات متعمقة وشاملة لتقييم المخاطر المحتملة بشكل دقيق.
نظرًا لأن إثيوبيا تُصنف كـمنطقة ذات نشاط زلزالي طبيعي مرتفع، فإنه من الضروري للغاية أخذ هذا النشاط في الاعتبار عند تصميم سد النهضة وأثناء عملية ملئه. يوصي الخبراء بـعدم تجاوز كمية المياه المخزنة في السد 40 مليار متر مكعب، بهدف تخفيف الضغط الهيدروليكي على القشرة الأرضية، وبالتالي تقليل احتمالية حدوث زلازل مستحثة أو مرتبطة بالخزان المائي. لضمان أعلى مستويات الأمان للسدود الواقعة في مناطق نشطة زلزاليًا، تشمل التدابير الهندسية الحيوية تصميم السد ليقاوم قوى الزلازل المتوقعة، استخدام مواد بناء ذات مرونة عالية، بالإضافة إلى تطبيق نظم مراقبة مستمرة لأي تغيرات قد تطرأ على بنية السد أو على النشاط الزلزالي المحلي.
المخاوف من النشاط البركاني وتأثيره الإقليمي
نشاط بركاني متصاعد
احتمالية زيادة النشاط البركاني وامتداده إقليمياً.
تدفقات الحمم والطين
مدمرة للأرواح والممتلكات والبنية التحتية.
تساقط الرماد
يؤثر على جودة الهواء، الزراعة، والبنية التحتية.
تأثير إقليمي واسع
تداعيات محتملة تمتد إلى دول الجوار.
إلى جانب المخاوف المتعلقة بالزلازل، يحذر الخبراء من احتمالية تصاعد النشاط البركاني في إثيوبيا. يمكن أن يؤدي هذا التصاعد إلى امتداد تأثير الزلازل إلى مناطق أخرى داخل إثيوبيا أو إلى دول الجوار، مما يرفع مستوى المخاطر على الأرواح والممتلكات. علاوة على ذلك، تتسبب الانفجارات البركانية في تدفقات الحمم البركانية المدمرة، وتدفقات الطين البركاني (اللاهار)، بالإضافة إلى تساقط الرماد الذي قد يؤثر سلبًا على جودة الهواء، والقطاع الزراعي، والبنية التحتية على نطاق إقليمي واسع.
أهمية نظم الإنذار المبكر والدراسات العلمية
إنذار مبكر بالزلازل
-
شبكات أجهزة قياس متطورة
-
كشف الموجات الأولية (P-waves)
-
منح ثوانٍ/دقائق حاسمة للوقاية
إنذار مبكر بالبراكين
-
رصد تغيرات النشاط البركاني
-
انتفاخ سطح الأرض، انبعاث الغازات
-
إخلاء المناطق المعرضة للخطر
في ضوء هذه التحديات، تتجلى الأهمية القصوى لـتطوير نظم الإنذار المبكر بالزلازل والبراكين، إلى جانب إجراء دراسات علمية شاملة ومستمرة لتقييم المخاطر المحتملة بدقة. تساهم هذه النظم والدراسات بشكل فعال في حماية الأرواح والممتلكات، وتقليل حجم الأضرار الناجمة عن الكوارث الطبيعية. تعتمد نظم الإنذار المبكر للزلازل على شبكات متطورة من أجهزة قياس الزلازل التي تكشف الموجات الأولية (P-waves) الأسرع، قبل وصول الموجات المدمرة (S-waves)، مما يمنح ثوانٍ أو دقائق حاسمة لتنفيذ إجراءات وقائية مثل إيقاف حركة القطارات أو تأمين محطات الطاقة. بينما ترصد نظم الإنذار المبكر للبراكين التغيرات الحيوية في النشاط البركاني، مثل انتفاخ سطح الأرض، وانبعاث الغازات، والتغيرات في درجات الحرارة، مما يتيح إخلاء المناطق المعرضة للخطر في الوقت المناسب قبل وقوع الانفجارات.
الخلاصة
أهم النقاط الختامية
في الختام، تُعد سلسلة الزلازل التي ضربت إثيوبيا في أكتوبر 2025 تطورًا جيولوجيًا يستدعي القلق، ويتطلب متابعة دقيقة وتقييمًا مستمرًا. ورغم عدم وجود تأثير مباشر وفوري على سد النهضة حاليًا، فإن تزايد النشاط الزلزالي والبركاني في المنطقة يستلزم اتخاذ تدابير احترازية حاسمة، وإجراء دراسات علمية معمقة، وتكثيف جهود تطوير نظم الإنذار المبكر لضمان سلامة واستقرار المنطقة وسكانها على المدى الطويل.