أمازون والوكلاء الذكيون: كيف يقود خبير OpenAI السابق السباق نحو الذكاء الاصطناعي الجديد
أمازون تتصدر سباق الذكاء الاصطناعي بالتركيز على تطوير الوكلاء الذكية: رؤية ديفيد لوان ومنحنى S الجديد

مفهوم المنحنى S والوكلاء الذكية
لماذا يرى ديفيد لوان، رئيس مختبرات الذكاء الاصطناعي العام (AGI) في أمازون، أن تطوير الوكلاء يمثل "المنحنى S" الجديد للذكاء الاصطناعي؟
يُعرف "المنحنى S" بأنه نموذج يصف دورة حياة تبني التكنولوجيا، بدءًا من النمو البطيء الأولي، يليه توسع سريع واعتماد واسع النطاق، ثم مرحلة استقرار. وفي سياق الذكاء الاصطناعي، وخاصة الذكاء الاصطناعي التوليدي، يُنظر إليه على أنه يدشن منحنى اعتماد جديد ومختلف (Forbes, 2024) (Medium, 2023).
يُعدّ مفهوم الوكلاء الذكية من أبرز الموضوعات الحالية في مجال الذكاء الاصطناعي. يتركز الاهتمام على تطوير أنظمة الذكاء الاصطناعي لتتجاوز كونها مجرد روبوتات محادثة، لتصبح قادرة على إنجاز المهام المعقدة بفعالية وموثوقية عالية في العالم الحقيقي. ورغم التقدم، لا تزال موثوقية الوكلاء تمثل تحديًا أساسيًا.

ديفيد لوان ورؤيته في أمازون
تتسابق العديد من الشركات في صناعة الذكاء الاصطناعي لمعالجة تحديات موثوقية الوكلاء، وفي صلب هذا السباق يقف ديفيد لوان، رئيس مختبر أبحاث الذكاء الاصطناعي العام (AGI) في أمازون. يمتلك لوان تاريخًا طويلًا في هذا المجال، حيث كان من أوائل قادة الأبحاث في OpenAI، وساهم بشكل فعال في تطوير نماذج GPT-2 وGPT-3 وDALL-E. بعد OpenAI، شارك في تأسيس Adept، وهو مختبر أبحاث متخصّص في الذكاء الاصطناعي يركز بشكل خاص على الوكلاء الذكية. وفي الصيف الماضي، انضم لوان إلى أمازون، حيث يقود حاليًا مختبر الذكاء الاصطناعي العام للشركة في سان فرانسيسكو.

تم تسجيل هذه المقابلة بعد وقت قصير من إطلاق GPT-5 من OpenAI، مما أتاح فرصة لمناقشة رؤية ديفيد لوان حول تباطؤ التقدم في نماذج الذكاء الاصطناعي. يُشكل عمل فريق ديفيد أولوية قصوى بالنسبة لأمازون، وتُعدّ هذه المقابلة بمثابة الكشف الأول الواضح عما كانوا يعملون عليه.

تطرق لوان أيضًا إلى كيفية انضمامه إلى أمازون. يُعدّ قراره بمغادرة Adept مثالًا مبكرًا لما يُعرف بـ"الاستحواذ العكسي"، حيث تستحوذ شركات التكنولوجيا الكبرى على الشركات الناشئة الواعدة في مجال الذكاء الاصطناعي لتجنب التدقيق في مكافحة الاحتكار. وبغض النظر عن التفاصيل، فإن انتقال ديفيد من عالم الشركات الناشئة إلى عمالقة التكنولوجيا العام الماضي يعكس فهمه العميق لمسار سباق الذكاء الاصطناعي. لذا، فإن توقعاته للمستقبل تحمل أهمية بالغة.
تطور الذكاء الاصطناعي العام (AGI) والوكلاء
يُعرّف ديفيد لوان الذكاء الاصطناعي العام (AGI) بأنه نظام قادر على مساعدة البشر في إنجاز أي مهمة يرغبون بها على الكمبيوتر، معتبرًا هذا هدفًا واقعيًا ومتمحورًا حول خدمة المستخدمين. ويشير إلى أن التطور في نماذج الذكاء الاصطناعي أصبح متقاربًا، وأن الاختبارات المعيارية التقليدية لم تعد حاسمة، حيث تتجه جميع الأطراف نحو نقطة أداء متشابهة. وبدلًا من ذلك، يؤكد على أن الأهم هو كيفية تفاعل الناس مع هذه الأنظمة واستخدامهم لها.
يُشدد لوان على أن مفهوم الذكاء الاصطناعي العام يجب أن يتجاوز مجرد المحادثات النصية أو كتابة الأكواد البرمجية. يؤكد أن الوكلاء الذكية ستمثل الركيزة الأساسية للحوسبة المستقبلية، وأن تركيز أمازون على تطوير حلول للوكلاء ينبع من إدراكها للإمكانات الاقتصادية الهائلة التي ستفتحها، وتماشي ذلك مع نقاط قوتها في مجال الحوسبة السحابية والبنية التحتية.

يُدرك لوان أن العديد من المستخدمين قد خاضوا تجارب مع الوكلاء الذكية ووجدوا أنها لا تؤدي المهام بالكفاءة المطلوبة، واصفًا إياها غالبًا بأنها مجرد "روبوتات دردشة ذات خطوات إضافية". ومع ذلك، يقدم رؤية طموحة لوكيل ذكي حقيقي، كمثال على ذلك، نموذج يمكنه الاتصال بمختبر بيولوجي لإجراء تجارب اكتشاف الأدوية بشكل مستقل، وتحليل الأدبيات العلمية ذات الصلة، واقتراح التجارب الأكثر فعالية، وتنفيذها، ثم تحليل النتائج، وتكرار المحاولة حتى الوصول إلى الهدف المنشود. هذا المستوى المتقدم من الفعالية سيمنح البشر قدرات هائلة وغير مسبوقة.
منهجية أمازون لتدريب الوكلاء
يوضح لوان الفارق الجوهري بين نماذج اللغة الكبيرة (LLMs) والوكلاء الذكية. فبينما تتعلم نماذج اللغة الكبيرة عبر التنبؤ بالكلمة التالية، وهو ما يُعرف بـ"استنساخ السلوك"، فإن الوكلاء يتطلبون فهمًا عميقًا للآلية السببية الحقيقية، أي القدرة على استنتاج العلاقة بين الأسباب والعواقب (إذا تم تنفيذ X، فستكون العواقب Y). ولتحقيق هذا الفهم، تقوم أمازون بتدريب الوكلاء على نطاق واسع باستخدام منهجية "اللعب الذاتي" ضمن بيئات محاكاة، تُسمى "RL gyms". تُصمم هذه البيئات لمحاكاة المهام المعرفية التي يؤديها الموظفون في قطاعات متنوعة، مثل منصة Salesforce أو برامج التصميم بمساعدة الكمبيوتر (CAD). وعبر التجربة والخطأ المتكرر في هذه البيئات، يكتسب الوكيل فهمًا واضحًا لعواقب قراراته وأفعاله.
يُعتبر هذا النهج المبتكر، القائم على التدريب الواسع النطاق عبر اللعب الذاتي في بيئات محاكاة، فريدًا نسبيًا ضمن قطاع الذكاء الاصطناعي، وقد تبنته أمازون استنادًا إلى عمل فريق Adept السابق. ويرى لوان أن هذا يمثل "الجزء المفقود الحاسم" لتحقيق الذكاء الاصطناعي العام الحقيقي. وعند استفساره عن تأثير هذا العمل على منتجات أمازون، أوضح لوان أن Alexa Plus، على سبيل المثال، تستخدم هذه التقنيات لتمكين وكيل ويب قادر على طلب خدمات السباكة عبر منصات مثل Thumbtack. كما أشار إلى أن أمازون تستغل مجموعتها الهائلة من البيانات الداخلية والبيئات التشغيلية الخاصة بها، التي تعكس عمليات جميع شركات Fortune 500 تقريبًا، لتدريب وكلاء أكثر ذكاءً وكفاءة، مؤكدًا أن بيانات الويب المجانية لم تعد كافية لتدريب وكلاء الذكاء الاصطناعي بفعالية مطلوبة.
تطبيقات وكفاءة الوكلاء الذكية
في سياق متصل، حققت Nova Act، التي تم إطلاقها كمعاينة بحثية في مارس، معدل موثوقية يتجاوز 95% في تطبيقات مختلفة بالشركات. يمثل هذا تقدمًا هائلاً مقارنة بمتوسط موثوقية المنتجات المنافسة في السوق، والذي يبلغ حوالي 60%. ويُستخدم نظام Nova Act حاليًا بكفاءة في مهام مثل تسجيل الأطباء والممرضات، وأتمتة حجوزات السفر، وإدارة سير عمل ضمان الجودة المعقدة.
يتوقع لوان أن "لحظة GPT" لوكلاء التعلم المعزز ستُحقق في أقل من عام، مع استمرار الفريق في إحراز تقدم سريع نحو هذا الإنجاز. ويرى أن وتيرة تطور الذكاء الاصطناعي لن تتباطأ، بل ستنتقل إلى "منحنى S" جديد، حيث تُشكل الوكلاء الذكية المكون الأساسي للقفزة النوعية القادمة في القطاع. ويؤكد أن أمازون تسعى لتكون رائدة في هذا المجال عبر التركيز على هذه المنهجية المبتكرة لتدريب الوكلاء، مستفيدة من إمكانياتها الهائلة وحجم عملياتها.
مستقبل الذكاء الاصطناعي وسوق المواهب
في ختام المقابلة، تناول لوان جوانب سوق المواهب في قطاع الذكاء الاصطناعي وظاهرة "الاستحواذ العكسي". وشدد على ضرورة أن تجمع الشركات "كتلة حرجة" من الكفاءات والحوسبة لضمان الفوز في سباق الذكاء الاصطناعي. وفسّر قراره بالانضمام إلى أمازون بأنه نابع من رغبة الشركة القوية في التفوق بمجال الوكلاء واستعدادها للاستثمار الضخم المطلوب لتحقيق ذلك، خاصة في ظل التزايد الهائل في تكاليف الحوسبة وتوظيف المواهب.
وقدم لوان نصائح قيمة للمهتمين بالعمل في قطاع الذكاء الاصطناعي، تتضمن الانضمام إلى فرق بحث وتطوير صغيرة لديها إمكانية وصول واسعة إلى موارد الحوسبة، والتركيز على الشركات التي تتمتع بفهم عميق للمنتج ورؤية واضحة لكيفية دمج حلول الذكاء الاصطناعي بشكل جذري في حياة المستخدمين، وتجنب الاقتصار على تطوير روبوتات محادثة تقليدية. ويُشير إلى أن هناك العديد من "أشكال المنتجات الجوهرية" التي لم تُحل تحدياتها بعد، والتي ستصبح أساسية وواضحة في المستقبل القريب.