السيارات الكهربائية الصينية: صعود النفوذ على يوتيوب وتيك توك
صعود السيارات الكهربائية الصينية: هيمنة عالمية وجاذبية المؤثرين الغربيين
شهد قطاع السيارات الكهربائية الصينية نموًا هائلاً على مدى العقد الماضي، ليتحول من سوق ناشئ إلى أكبر سوق للسيارات في العالم والمصدر الرئيسي للسيارات الكهربائية. ففي عام 2024، تجاوزت حصة مبيعات السيارات الكهربائية الهجينة والقابلة للشحن (BEV و PHEV) في الصين 51% من إجمالي سوق السيارات Electrek، مع توقعات بوصولها إلى 53% بحلول مايو 2025 CleanTechnica. كما استحوذت العلامات التجارية الصينية على أكثر من 50% من حصة السوق العالمية للسيارات الكهربائية بحلول عام 2024 Michigan Journal of Economics، مما يؤكد هيمنتها. وبينما تُباع هذه النسبة الكبيرة من السيارات الجديدة في الصين كسيارات كهربائية، لا يزال هذا التقدم غير ملموس إلى حد كبير في الولايات المتحدة، ويعزى ذلك بشكل أساسي إلى التعريفات الجمركية والقوانين التي تمنع بيع السيارات التي تحتوي على برمجيات صينية. ومع ذلك، أصبحت هذه المركبات، المعروفة بميزاتها المتطورة وطابعها الغامض، محط اهتمام كبير لمراجعي السيارات على منصات مثل يوتيوب وتيك توك.
المؤثرون الغربيون وتجربتهم مع السيارات الكهربائية الصينية المتطورة

لقد تحولت نظرة المؤثرين الأمريكيين تجاه السيارات الصينية بشكل جذري. فبعد تجارب سلبية سابقة مع سيارات البنزين الصينية، يُظهر المؤثرون الآن إعجابًا كبيرًا بالتقدم الهائل الذي حققته الصناعة الصينية. كمثال بارز، استعرض عمر رنا، المعروف باسم OmarDrives، سيارة جيلي جالاكسي E5، وهي سيارة دفع رباعي كهربائية مدمجة بسعر يبلغ حوالي 20 ألف دولار. تتميز هذه السيارة بمواصفات فاخرة مثل مقاعد مدفأة ومهواة ومدلكة، وشاشة عرض رقمية متكاملة، وشاشة عرض رأسية، ومقاعد ركاب قابلة للإمالة، بالإضافة إلى كاميرا 360 درجة. من الصعب العثور على سيارة بهذه الميزات والسعر التنافسي في سوق أمريكا الشمالية. وأكد رنا أن السيارات الصينية أظهرت براعة استثنائية في دمج ميزات مبتكرة لتعزيز راحة المستخدم، مثل الشاشات التفاعلية التي تعمل بالإيماءات والمخصصة للأطفال.
تلقى عدد كبير من المؤثرين دعوات من شركات مثل DCar Studio، وهي منصة تجارة سيارات تابعة لـ Dongchedi والتي بدورها مملوكة لشركة ByteDance الأم لتطبيق تيك توك. تهدف هذه الدعوات إلى تسليط الضوء على السيارات الكهربائية الصينية وتقديمها لجمهور غربي واسع، حتى في الأسواق التي لا تتوفر فيها هذه السيارات للشراء بشكل مباشر، مثل الولايات المتحدة.
استراتيجية الشركات الصينية: استغلال جاذبية المؤثرين العالميين

يوضح مارك غريفين، أستاذ إدارة الابتكار وعميد آسيا في كلية IMD للأعمال، أن استراتيجية "هجوم السحر" هذه تهدف إلى التعاون مع المؤثرين الأمريكيين. فالرأي العام في العالم الغربي لا يزال يتأثر بشكل كبير بالشخصيات المؤثرة الناطقة بالإنجليزية على منصات التواصل الاجتماعي. ويساهم هذا التوجه في تعزيز الحضور العالمي للشركات الصينية، حتى لو لم يكن السوق الأمريكي هو المستهدف الأساسي في الوقت الراهن.
بينما يميل المؤثرون الأمريكيون إلى التركيز على الأصالة والاستقلالية في محتواهم، يبدو أن المؤثرين الصينيين لديهم نهج مختلف. فالكثير من صانعي المحتوى الصينيين يعملون كموظفين لدى شركات كبرى مثل شاومي أو BYD، ويشاركون في بيع المنتجات مباشرة عبر متاجرهم أثناء البث المباشر. ومن الملاحظ أنهم يحصلون على أجور أعلى بكثير من نظرائهم في الغرب، حيث يمكن أن يصل أجر الفيديو الرأسي الواحد إلى 150 ألف دولار.
مخاوف حول الشفافية والاستقلالية في تقييمات السيارات الكهربائية

يثير هذا التوجه مخاوف جدية بشأن مستوى الشفافية والاستقلالية في مجال صحافة السيارات عبر الإنترنت. فعلى الرغم من إصرار بعض المؤثرين على عدم قبول أي مقابل مادي لمراجعاتهم، تتداول شائعات حول وجود مدفوعات غير معلنة. وقد أشار دوغ ديمورو، وهو أحد أبرز مراجعي السيارات على يوتيوب، إلى احتمالية تلقي بعض صانعي المحتوى أموالاً سرية، مؤكدًا في الوقت ذاته أنه شخصيًا لا يقبل أي تعويض من شركات السيارات.

يرى النقاد أن هذا الوضع قد يقوض الاستقلالية التحريرية ويمنح شركات صناعة السيارات، لا سيما الشركات الصينية، القدرة على التحكم في الرواية والوصول إلى جماهير ضخمة، مع السيطرة على كيفية عرض منتجاتها. ومع النمو المتزايد لشعبية المحتوى المرئي القصير، تواجه المنصات الإعلامية التقليدية صعوبة أكبر في المنافسة، حيث يحظى صانعو المحتوى المدفوعون بفرصة الوصول المبكر إلى السيارات، ويتمتعون بمرونة أكبر في التحكم بمحتواهم.

في النهاية، يبدو أن جاذبية السيارات الكهربائية الصينية تنبع من مزيج فريد يجمع بين التكنولوجيا المتقدمة، والأسعار التنافسية، والطابع الغامض لهذه المركبات. هذه العوامل تجعلها مادة مثالية للمحتوى الفيروسي الذي يجذب الانتباه، حتى لو لم تكن متاحة بعد في جميع الأسواق العالمية.