سد النهضة وفيضانات السودان: تقييم المخاطر على مصر ودور السد العالي

سد النهضة وفيضانات السودان: تقييم المخاطر على مصر وإدارة الأزمة


مقدمة: أثارت الفيضانات التي ضربت السودان في أكتوبر 2025 مخاوف متجددة في مصر، خصوصًا في ظل الجدل المستمر حول سد النهضة الإثيوبي وطرق إدارة ملء خزانه. تستعرض هذه المقالة المخاوف المصرية، وتقيّم المخاطر المحتملة على الأراضي المصرية، كما تسلط الضوء على الإجراءات المتخذة للتعامل مع أي طوارئ. بالإضافة إلى ذلك، تحلل المقالة أسباب فيضانات السودان وعلاقتها بإدارة سد النهضة الإثيوبي.

ما هو سد النهضة الإثيوبي الكبير (GERD)؟

توليد الطاقة

كهرباء لملايين الإثيوبيين

الموقع

على النيل الأزرق (نهر أباي)

الحجم

أحد أكبر السدود في إفريقيا

يُعرف سد النهضة رسميًا باسم "سد النهضة الإثيوبي الكبير" (Grand Ethiopian Renaissance Dam - GERD). هذا السد مخصص لتوليد الطاقة الكهرومائية، وتقوم إثيوبيا بإنشائه على النيل الأزرق (المعروف محليًا باسم نهر أباي)، والذي يُعد أحد الروافد الأساسية لنهر النيل. بدأ بناء السد في عام 2011، ويُصنف كواحد من أكبر السدود في قارة إفريقيا، ويهدف إلى توفير الطاقة الكهربائية لملايين الإثيوبيين ودعم التنمية الاقتصادية الشاملة في البلاد. المصدر: ويكيبيديا.

أسباب فيضانات السودان الأخيرة وتأثير إدارة سد النهضة عليها

1. تخزين هائل للمياه: كميات ضخمة دون تشغيل التوربينات.

2. فتح بوابات مفاجئ: إطلاق كميات ضخمة دفعة واحدة.

3. فيضانات السودان: ارتفاع منسوب النيل الأزرق وغمر الأراضي.

شهدت السودان في أكتوبر 2025 فيضانات واسعة، تزامنًا مع فتح بوابات سد النهضة الإثيوبي. يرى الدكتور عباس شراقي، أستاذ الجيولوجيا والموارد المائية، أن طريقة تعامل إثيوبيا مع عملية ملء وتفريغ السد كانت السبب الرئيسي في هذه الفيضانات. فبدلًا من تشغيل التوربينات لتخفيف الضغط بشكل تدريجي، قامت إثيوبيا بتخزين كميات هائلة من المياه دون تشغيل التوربينات، ثم فتحت أربع بوابات بكميات ضخمة من المياه دفعة واحدة. هذا الإجراء أدى إلى ارتفاع كبير في منسوب مياه النيل الأزرق وغمر مساحات واسعة من الأراضي السودانية. يصف شراقي هذا التصرف بأنه "جريمة مائية" تهدد الأمن المائي للبلدين، مشيرًا إلى أن ملء بحيرة السد بالسعة الكاملة قبل اكتمال التوربينات كان خطأً فنيًا جسيمًا.

المخاوف المصرية بشأن فيضانات سد النهضة والتحذيرات الحكومية

مناطق عرضة للخطر

المنوفية والبحيرة (أراضي طرح النهر)

تحذيرات متجاهلة

إثيوبيا تجاهلت تحذيرات مصر المسبقة

أثارت هذه الأحداث تحذيرات حكومية مصرية من احتمال غمر بعض الأراضي في محافظتي المنوفية والبحيرة. ومع ذلك، يؤكد الدكتور شراقي أن هذه التحذيرات تُعد إجراءً احترازيًا، وأن الأراضي الأكثر عرضة للخطر هي في الغالب أراضي طرح النهر (وهي الأراضي الواقعة على جانبي النهر والتي يمكن أن تغمرها المياه بشكل طبيعي أو نتيجة للفيضانات). كما أشارت الحكومة المصرية إلى أنها حذرت إثيوبيا مسبقًا من مخاطر فتح بوابات السد بهذه الطريقة المفاجئة، لكن هذه التحذيرات تجاهلتها أديس أبابا.

دور السد العالي بأسوان في حماية مصر من فيضانات النيل


منظر عام للسد العالي في أسوان، مصر، يوضح حجمه وأهميته كبنية تحتية حيوية.

على الرغم من المخاوف، يشدد الخبراء على أن مصر ليست مهددة بفيضانات مدمرة بفضل وجود السد العالي في أسوان. فقد أظهر تقرير مصور نشرته صحيفة "اليوم السابع" بتاريخ 2 أكتوبر 2025 قوة تدفق المياه من بوابات السد العالي، موضحًا أن فتح البوابات يتم بهدف تخفيف الضغط على السد نتيجة لارتفاع منسوب المياه في بحيرة ناصر بسبب سيول السودان وفتح بوابات سد النهضة. إن السد العالي قادر على استيعاب الزيادات المفاجئة في تدفقات المياه، مما يوفر حماية للأراضي الزراعية والسكانية في مصر. تصل سعة التخزين القصوى لبحيرة ناصر خلف السد العالي إلى حوالي 169 مليار متر مكعب، وهو ما يمنحها قدرة هائلة على التعامل مع الفائض من المياه. المصدر: ويكيبيديا.

الأهمية التاريخية والاستراتيجية للسد العالي في مصر

تنظيم الري

ضمان المياه للزراعة والصناعة

حماية من الفيضانات

حاجز فعال ضد الفيضانات المدمرة

الحماية من الجفاف

مصدر مياه ثابت في سنوات الجفاف

يعتبر السد العالي صرحًا هندسيًا ضخمًا لعب دورًا حاسمًا في تنظيم عمليات الري وحماية مصر من مخاطر الجفاف والفيضانات منذ اكتمال إنشائه في الستينيات. فهو لا يضمن فقط توفير المياه الضرورية للزراعة والصناعة، بل يعمل أيضًا كحاجز طبيعي فعّال ضد الفيضانات المدمرة التي كانت تهدد الأراضي المصرية تاريخيًا.

خطط الطوارئ المصرية واستعدادات التعامل مع تداعيات سد النهضة

مراقبة مستمرة: ودقيقة لمنسوب المياه في نهر النيل وتحليل بيانات التدفقات.

تنسيق وثيق: مع جمهورية السودان لتبادل المعلومات الحيوية.

إجراءات فورية: لحماية الأراضي والممتلكات وإصدار الإنذارات المبكرة.

فرق استجابة سريعة: وتوفير المعدات للتعامل مع أي طوارئ.

بالإضافة إلى القدرة الاستيعابية الهائلة للسد العالي، تمتلك مصر خطط طوارئ شاملة وجاهزة للتعامل مع أي سيناريوهات محتملة قد تنجم عن إدارة سد النهضة. تتضمن هذه الخطط:

  • مراقبة مستمرة ودقيقة لمنسوب المياه في نهر النيل عبر شبكة متكاملة من محطات الرصد الموزعة على طول النهر، مع تحليل بيانات التدفقات المائية لتوقع أي تغيرات محتملة.
  • تنسيق وثيق ومستمر مع جمهورية السودان لمتابعة مستويات وتدفقات المياه وتبادل المعلومات الحيوية حول إدارة النيل الأزرق.
  • اتخاذ إجراءات فورية ومباشرة لحماية الأراضي والممتلكات في حال حدوث أي طوارئ، مثل رفع حالة التأهب للجهات المعنية وإصدار الإنذارات المبكرة للمناطق المتضررة المحتملة.
  • تجهيز فرق الاستجابة السريعة وتوفير المعدات اللازمة للتعامل الفعال مع أي حالات طارئة محتملة.

الخلاصة: الأمن المائي المصري في ظل التحديات وإدارة سد النهضة

عوامل قوة مصر

السد العالي، خطط الطوارئ، الوعي الحكومي.

مفتاح الحل

استمرار الحوار والتفاوض البناء.

في حين أن الفيضانات التي ضربت السودان تثير قلقًا مشروعًا، فإن مصر في وضع قوي لحماية نفسها من أي آثار سلبية محتملة. يعود ذلك بشكل أساسي إلى عدة عوامل رئيسية:

  • القدرة الهائلة لـ السد العالي على استيعاب الزيادات في تدفق المياه.
  • وجود خطط طوارئ فعالة ونظام مراقبة مستمرة.
  • الوعي الحكومي الكامل بالمخاطر المحتملة والتحذيرات المسبقة التي وجهتها لإثيوبيا.
  • الأمن المائي: يشير الأمن المائي إلى القدرة على ضمان وصول كافٍ ومستمر للمياه بكمية ونوعية مناسبة لتلبية احتياجات السكان والزراعة والصناعة، مع حماية النظم البيئية. وهو مفهوم أساسي لضمان استقرار الدول وتنميتها. المصدر: الأمم المتحدة.

مع ذلك، يبقى من الضروري للغاية استمرار الحوار والتفاوض البناء مع إثيوبيا للوصول إلى اتفاق شامل وعادل بشأن إدارة سد النهضة. هذا الاتفاق يجب أن يضمن الأمن المائي لجميع الأطراف المعنية ويمنع تكرار مثل هذه الأزمات في المستقبل.

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url