هل مقولة مبارك "المتغطي بالأمريكان عريان" تعود لتصف الوضع في قطر؟
"المتغطي بالأمريكان عريان": جدل مصري-قطري يعيد إحياء مقولة مبارك القديمة ودلالات الاعتماد الأمريكي
أثار منشور لحساب علاء مبارك، نجل الرئيس المصري الراحل حسني مبارك، على منصة "إكس" (تويتر سابقًا)، جدلاً واسعًا في الأوساط العربية ووسائل التواصل الاجتماعي. أعاد هذا المنشور إحياء مقولة والده الشهيرة: "المتغطي بالأمريكان عريان". جاء هذا الجدل في أعقاب تقارير إعلامية حول ضربة إسرائيلية محتملة أو مستهدفة في العاصمة القطرية الدوحة، والتي تناولت قيادات من حركة حماس، رغم الوجود الكبير لـ قاعدة عسكرية أمريكية في قطر.
جذور الجدل: منشور علاء مبارك وتأكيد مخاطر الدعم الأمريكي
بدأت هذه القصة بتدوينة نشرها خالد آل هميل السبيعي، رئيس مركز خالد للدراسات، انتقد فيها بشدة الاعتماد على الولايات المتحدة كحليف موثوق به.
استشهد السبيعي بأمثلة واقعية لضعف الحماية الأمريكية، أبرزها:
- عدم قدرة الولايات المتحدة على حماية دولة قطر من هجوم إيراني محتمل.
- تجاهلها لتقارير الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الدوحة، على الرغم من وجود قاعدتها العسكرية الأمريكية الضخمة على الأراضي القطرية.
وافق علاء مبارك على هذا الرأي، وقام بإعادة نشر تدوينة السبيعي مؤكدًا صحة مقولة والده الرئيس حسني مبارك. تعود هذه المقولة إلى سنوات حكمه، وتعكس رؤيته السياسية حول مخاطر الاعتماد المطلق على الدعم الأمريكي والتداعيات المحتملة على استقلالية الدول.
قطر وحركة حماس: علاقات معقدة ودور الوساطة
تُعد دولة قطر مضيفًا رئيسيًا للعديد من قادة حركة حماس السياسيين منذ عام 2012، ولعبت دورًا حيويًا في الوساطة بين الفصائل الفلسطينية وإسرائيل، خاصة فيما يتعلق بقضايا تبادل الأسرى واتفاقيات وقف إطلاق النار. ومع ذلك، فإن استضافة قادة حماس على أراضيها جعلها عرضة لانتقادات متزايدة، خصوصًا بعد أحداث السابع من أكتوبر 2023. تعتبر بعض المصادر قطر ممولًا رئيسيًا لحماس ومضيفًا لقادتها البارزين، مما يزيد من تعقيد موقفها على الساحة الدولية.
تفاعل وسائل التواصل الاجتماعي: ردود فعل متباينة وجدل محتدم
لم يمرّ منشور علاء مبارك دون رد فعل، بل أثار ردود فعل متباينة وحادة بين النشطاء على منصات التواصل الاجتماعي:
- دافع بعض النشطاء عن دولة قطر، موجهين انتقادات لاذعة لـ علاقة الرئيس الأسبق حسني مبارك بإسرائيل ودوره في حصار قطاع غزة.
- في المقابل، هاجم آخرون الدوحة بشدة، واتهموها بالتناقض في مواقفها السياسية ودورها الإقليمي.
تحول الجدل سريعًا إلى تبادل للاتهامات والانتقادات الشخصية المتبادلة، مما يعكس عمق الخلافات السياسية القائمة وحساسية القضايا المطروحة.
قاعدة العديد الجوية في قطر: محك التحالف الأمريكي وتحديات الحماية
تُعد قاعدة العديد الجوية في قطر واحدة من أكبر وأهم القواعد العسكرية الأمريكية في الشرق الأوسط. تستضيف هذه القاعدة الاستراتيجية ما يقرب من 10,000 عسكري أمريكي، وتضم مقر القيادة المركزية للقوات الجوية الأمريكية (AFCENT) في المنطقة. تُعتبر القاعدة مركزًا رئيسيًا للعمليات الجوية واللوجستية الأمريكية في المنطقة، مما يؤكد عمق الشراكة الاستراتيجية بين الولايات المتحدة وقطر. ومع ذلك، فإن هذه الضربة المزعومة في الدوحة أثارت تساؤلات جدية حول مدى قدرة هذا الوجود العسكري الأمريكي الضخم على توفير حماية شاملة للحلفاء من هجمات محتملة تستهدف أراضيهم، خاصةً عندما تتعارض المصالح الدولية أو تتصاعد التوترات الإقليمية المعقدة.
مقولة المتغطي بالأمريكان عريان: السياق التاريخي والدلالات المعاصرة
تُعد مقولة "المتغطي بالأمريكان عريان" من أبرز التصريحات التي ارتبطت بالرئيس المصري الأسبق حسني مبارك، وتعكس بجلاء رؤيته السياسية القائمة على:
- الحذر الشديد من الاعتماد الكامل على الدعم الخارجي، وخاصة الأمريكي، لما قد يترتب عليه من تبعات.
- رغبة مصر القوية في الحفاظ على استقلاليتها التامة في صنع القرار، وتجنب الانخراط في صراعات إقليمية أو دولية تخدم مصالح أطراف أخرى.
في السياق الحالي، أعادت هذه المقولة إلى الواجهة مجددًا تزايد الشكوك حول موثوقية الحلفاء التقليديين وقدرتهم على توفير الحماية المطلوبة، خاصة بعد:
- التقارير المتداولة حول ضربة إسرائيلية في الدوحة، رغم وجود قاعدة أمريكية قريبة وحلف استراتيجي.
- التساؤلات الملحة حول قدرة الولايات المتحدة على حماية حلفائها في المنطقة من هجمات مباشرة أو غير مباشرة.
الخلاصة: دروس السياسة الخارجية وتحديات الأمن الإقليمي
يكشف هذا الجدل المعقد عن جوانب هامة تشمل:
- حساسية القضايا الإقليمية المتشابكة وتأثيرها على العلاقات الدولية.
- الأهمية القصوى للحفاظ على الاستقلالية في السياسة الخارجية للدول.
إن الاعتماد المفرط على قوة خارجية – بغض النظر عن مدى قوتها – قد يعرض الدول لمخاطر جمة، ويقوض قدرتها على حماية مصالحها الوطنية بشكل فعال. تُظهر الأحداث الأخيرة بوضوح أن المنطقة تشهد تحولات جيوسياسية عميقة، مما يتطلب من الدول العربية:
- إعادة تقييم استراتيجياتها السياسية والدفاعية بشكل مستمر.
- بناء تحالفات إقليمية ودولية جديدة تعزز الأمن والاستقرار الإقليمي المشترك.
يبقى السؤال المطروح بقوة: هل ستتعلم الدول العربية حقًا من دروس الماضي، وتتجنب الوقوع مرة أخرى في فخ الاعتماد المطلق على الآخرين، أم أن التاريخ سيعيد نفسه؟
