السودان: حكومة موازية وأزمة إنسانية متفاقمة.. هل من أمل في النجاة؟

السودان على مفترق طرق: تشكيل حكومة موازية وتدهور الأوضاع الإنسانية

يواجه السودان منذ أكثر من عامين حربًا أهلية مدمرة، بدأت في 15 أبريل 2023 بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع. هذه القوات، التي تطورت من ميليشيات الجنجويد وتأسست كقوة شبه عسكرية في عام 2013 لمواجهة الجماعات المتمردة، تسببت في تفاقم أزمة إنسانية واقتصادية وبيئية عميقة. في أحدث تطورات هذا النزاع، أدى قائد قوات الدعم السريع، محمد حمدان دقلو (حميدتي)، اليمين الدستورية كرئيس للمجلس الرئاسي لحكومة تحالف السودان الجديد "تأسيس" في مدينة نيالا بإقليم دارفور. هذه الخطوة تعكس الانقسام السياسي الحاد الذي يشهده البلاد.

تشكيل الحكومة الموازية في السودان وتداعياتها


صورة لمبنى البوندستاغ (البرلمان الألماني) مع العلم الألماني، ترمز إلى الحكومة والعمليات السياسية، وتعبر بشكل عام عن فكرة تشكيل الحكومة وتداعياتها.

في 31 أغسطس 2025، أعلن حميدتي عن تشكيل "مجلس رئاسي" في نيالا، التي تعد العاصمة الفعلية لقوات الدعم السريع، حيث أدى اليمين الدستورية. يمثل هذا المجلس الرئاسي جزءًا من تحالف السودان الجديد "تأسيس" (Sudan Founding Alliance)، الذي أُعلن عن تأسيسه في فبراير 2025. يضم التحالف فصائل سياسية معارضة للحكومة وقوات شبه عسكرية، ويستند إلى شراكة بين قوات الدعم السريع والحركة الشعبية لتحرير السودان-شمال (SPLM-N) بقيادة عبد العزيز الحلو. يأتي هذا التطور في ظل تصاعد المعارك العنيفة، خاصة في مدينة الفاشر بدارفور، حيث تحاصر قوات الدعم السريع مئات الآلاف من المدنيين، ما ينذر بكارثة إنسانية وشيكة. في المقابل، عزز الجيش السوداني سيطرته على مناطق في وسط وشرق البلاد، وشكّل حكومة جديدة. هذا الوضع أدى إلى وجود سلطتين متوازيتين تتنافسان على الشرعية والسيطرة في البلاد. وقد رفض الاتحاد الأفريقي هذه الحكومة الموازية، مؤكدًا أنها تمثل تهديدًا للوحدة الوطنية للسودان.

المصدر: ويكيبيديا

المصدر: الجزيرة

المصدر: رويترز

تفاقم الأزمة الإنسانية في السودان


صورة لأطفال يسيرون بين حطام مبانٍ مدمرة، تعكس الدمار والمعاناة في منطقة تعاني من أزمة إنسانية حادة.

لقد تسببت الحرب الأهلية المستمرة في السودان، والتي تجاوزت 28 شهرًا، في تدهور كارثي للوضع الإنساني. تشير تقارير مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (OCHA) والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين إلى أن ما يقرب من نصف سكان السودان، أي حوالي 25 مليون نسمة، يواجهون خطر الجوع الشديد. علاوة على ذلك، نزح ما يقرب من 13 مليون شخص منذ اندلاع النزاع في أبريل 2023، منهم 8.6 مليون نازح داخليًا. يفاقم الحصار المفروض على مدينة الفاشر الوضع الإنساني، حيث يضع مئات الآلاف من المدنيين على شفا المجاعة، وقد أكدت اليونيسف وبرنامج الأغذية العالمي بالفعل وجود مجاعة في شمال دارفور. وتتهم اليونيسف أيضًا قوات الدعم السريع بارتكاب انتهاكات جسيمة بحق الأطفال، تشمل القتل والتشويه. يعاني السكان أيضًا من نقص حاد في الغذاء والأدوية وصعوبة الوصول إلى الخدمات الأساسية، مثل المياه النظيفة والصرف الصحي.

المصدر: OCHA

المصدر: المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين

المصدر: اليونيسف

الأبعاد البيئية والاقتصادية للحرب في السودان

تجاوزت آثار الحرب الدائرة في السودان الجانب الإنساني لتطال البيئة والاقتصاد بشكل مباشر. لقد أدت المعارك المستمرة إلى تدمير واسع للغطاء النباتي والغابات، خاصة في إقليمي دارفور وكردفان، ما فاقم مشكلة التصحر وتدهور الأراضي الزراعية. على الصعيد الاقتصادي، شهد إنتاج الصمغ العربي، الذي يُعد من أهم الصادرات السودانية، تراجعًا كبيرًا، مما أثر سلبًا على الاقتصاد الوطني ككل. هذا التدهور البيئي والاقتصادي ينذر بتبعات وخيمة وطويلة الأمد على مستقبل السودان.

تعثر جهود السلام في السودان


صورة لغرفة اجتماعات فارغة مع كراسي وطاولة، توحي بنهاية مفاوضات أو محادثات، والتي يمكن أن ترمز إلى جهود السلام المتعثرة أو غير المكتملة.

على الرغم من الجهود الدولية المتواصلة، خاصة من جانب الإدارة الأمريكية، بهدف إنهاء الصراع في السودان، لم يتم تحقيق أي تقدم ملموس حتى الآن. يستمر الاقتتال العنيف بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع، وتتعثر المفاوضات باستمرار نتيجة للخلافات الجوهرية حول السلطة وتقاسم الثروة. وقد أدى تشكيل الحكومة الموازية إلى مزيد من تعقيد مسار جهود السلام، حيث رفض الاتحاد الأفريقي هذا التطور بشكل قاطع، داعيًا إلى ضرورة الحفاظ على الوحدة الوطنية للسودان.

المصدر: إذاعة فرنسا الدولية

مستقبل السودان


صورة لأهرامات مروي في صحراء السودان، ترمز إلى التاريخ الغني والإرث الثقافي للبلاد كجزء من هويتها ومستقبلها.

إن تشكيل حكومة موازية يعمق الانقسام الحالي في السودان، مما يزيد من صعوبة التوصل إلى حل سلمي مستدام. يتطلب إنهاء هذا الصراع المدمر معالجة الأسباب الجذرية للحرب، وتحقيق تسوية سياسية شاملة تلبي تطلعات الجميع، وضمان حماية المدنيين، وتقديم المساعدات الإنسانية العاجلة. إن مستقبل السودان يعتمد بشكل كبير على قدرة الأطراف المتنازعة على تغليب مصالح الشعب السوداني على المصالح الفئوية، والعمل بجدية نحو بناء مستقبل مستقر ومزدهر للبلاد.

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url