ترامب يعرقل الإنترنت الرخيص: هل سيدفع الفقراء ثمن سياسات الاتصالات؟
تتجه إدارة الرئيس السابق دونالد ترامب نحو سياسات قد تعيق بشكل كبير جهود توفير الإنترنت بأسعار معقولة لملايين الأمريكيين، وتهدد بقطع مليارات الدولارات عن الولايات التي تسعى لفرض خطط إنترنت منخفضة التكلفة. تُعيد هذه التحركات رسم معالم مستقبل الوصول إلى النطاق العريض في جميع أنحاء البلاد، وتثير غضب المدافعين عن العدالة الرقمية.
عرقلة الجهود على مستوى الولايات
في كاليفورنيا: اضطرت عضوة الجمعية التشريعية تاشا بورنر لوقف مسودة قانون كانت ستجبر مزودي خدمة الإنترنت على تقديم خطط شهرية بقيمة 15 دولارًا للأسر ذات الدخل المنخفض. كان هذا القانون مستوحى من تشريع مماثل في نيويورك، والذي تم تأييده في المحاكم بعد معارك قانونية طويلة، حيث رفضت المحكمة العليا الأمريكية الاستماع إلى الطعون المقدمة من شركات الإنترنت في ديسمبر 2024، مما سمح للقانون بالمضي قدمًا. ومع ذلك، واجهت بورنر ضغوطًا هائلة من مزودي الخدمة، وتلقت تحذيرات من مسؤولي الإدارة أن ولاية كاليفورنيا قد تخسر 1.86 مليار دولار من أموال برنامج "المساواة في النطاق العريض، والوصول، والنشر" (BEAD) إذا فرضت أسعارًا محددة لخدمات النطاق العريض منخفضة التكلفة.
وقد وصفت بورنر التوجيهات الفيدرالية: بأنها "مهزلة كاملة" و"منحة صريحة للشركات الكبرى"، مشيرة إلى أن شركات الاتصالات تسعى للحصول على أموال عامة لبناء البنية التحتية دون الالتزام بتقديم خطط بأسعار معقولة. كما أكدت أن مجرد تقديم طلب للحصول على تمويل برنامج BEAD قد يعفي مزودي الخدمة من قوانين الولاية الخاصة بالنطاق العريض منخفض التكلفة، وهو ما رفضت المساومة عليه.
تغيير قواعد لعبة تمويل النطاق العريض
برنامج BEAD: يعتبر جزءًا من صندوق بقيمة 42.45 مليار دولار خصصه الكونجرس لتوسيع نطاق الوصول إلى الإنترنت. ومع ذلك، قامت إدارة ترامب بإصلاح شامل لقواعد البرنامج، مما أدى إلى تأخير كبير في منح التمويل. تمنع التغييرات الجديدة الولايات من تحديد أسعار خيارات الخدمة منخفضة التكلفة بشكل صريح أو ضمني.
انتقادات المسؤولين السابقين: انتقد مسؤولون سابقون، مثل إيفان فاينمان الذي ترأس برنامج BEAD سابقًا، هذه التغييرات، محذرًا من أنها قد تترك "أمريكا الريفية مع إنترنت أسوأ" لصالح شركات مثل "ستارلينك" التابعة لـ إيلون ماسك. كانت إدارة بايدن تفضل تقنية الألياف الضوئية لموثوقيتها وسرعتها وتطور التكنولوجيا المعقولة، بينما يرى المسؤولون الجدد ضرورة أن يكون البرنامج "محايدًا تكنولوجيًا"، وهو ما يعود بالفائدة على خدمات الأقمار الصناعية الأقل تكلفة في النشر، ولكنها غالبًا ما تكون أقل سرعة وموثوقية وأكثر تكلفة على المدى الطويل للمستهلكين. كان من المتوقع أن يؤدي بناء شبكات الألياف الضوئية إلى خلق عشرات الآلاف من الوظائف، وهو أمر بالغ الأهمية لمراكز بيانات الذكاء الاصطناعي.
استياء ماسك: وقد أعرب ماسك نفسه عن استيائه من برنامج BEAD، مقترحًا خفض تمويله إلى "الصفر". هذه التغييرات أجبرت الولايات على إعادة صياغة خططها التي استغرقت سنوات من العمل، مما أدى إلى تأخير مشاريع النطاق العريض لسنوات. كما ألغت الإدارة برنامج المنح المنفصل بقيمة 2.7 مليار دولار، وهو قانون المساواة الرقمية، بزعم أنه "عنصري وغير قانوني"، مما حرم ولايات مثل ماين من 35 مليون دولار مخصصة لتوفير الأجهزة والتدريب على المهارات الرقمية.
دعوات للمضي قدمًا وحماية الوصول للإنترنت
المدافعون عن العدالة الرقمية: يرون أن التغييرات الفيدرالية لا ينبغي أن تلغي سلطة الولايات في تحديد معايير أسعار النطاق العريض الميسور التكلفة. كما أبدوا اعتراضهم على أن يتولى مزودو خدمة الإنترنت التحقق من أهلية الأفراد لخطط الدخل المنخفض، خوفًا من مشاركة البيانات الحساسة وخلق حواجز أمام الوصول. وأظهر تحليل أن متطلب 15 دولارًا للنطاق العريض منخفض الدخل سيخفض إيرادات أكبر أربعة مزودين (AT&T، Comcast، Cox، Charter/Spectrum) بأقل من واحد بالمائة.
انتقاد بورنر للكونجرس: وفي سياق متصل، انتقدت بورنر الكونجرس لإنهاء برنامج الاتصال الميسور التكلفة (ACP)، وهو برنامج وطني ناجح وفر خصومات بقيمة 30 دولارًا للأسر ذات الدخل المنخفض. ودعت الكونجرس إلى استعادة الإعانات الفيدرالية للوصول إلى النطاق العريض منخفض التكلفة، مؤكدة أن "لا أحد يريد العودة إلى رؤية الأطفال يستخدمون شبكة واي فاي مطاعم الوجبات السريعة لإنجاز واجباتهم المدرسية".
خاتمة: إن مستقبل النطاق العريض الميسور التكلفة في الولايات المتحدة يواجه تحديات كبيرة في ظل هذه التغييرات السياسية، مع تداعيات محتملة على ملايين الأسر والشركات التي تعتمد على الوصول إلى الإنترنت كخدمة أساسية.