خطة ترامب لغزة 2025: هل تنجح في وقف التصعيد أم تفشل؟
خطة ترامب لغزة 2025: تحليل الفرصة الأخيرة والتحفظات المصرية والإقليمية

مقدمة: في الثالث من أكتوبر 2025، أطلق الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مبادرة عاجلة تهدف إلى إنهاء الصراع في قطاع غزة، محددًا مهلة قصيرة لحركة حماس للتوصل إلى اتفاق. يأتي هذا الإعلان في وقت تشهد فيه المنطقة تصاعدًا في التوترات الإقليمية، وغيابًا للحلول الدائمة للقضية الفلسطينية-الإسرائيلية. أثارت خطة ترامب لغزة 2025 ردود فعل متفاوتة؛ فبينما أبدى بعض الأطراف تفاؤلًا حذرًا، جاءت تحفظات جدية، خاصة من الجانب المصري، بسبب الغموض والثغرات في تفاصيلها. يهدف هذا المقال إلى تحليل خطة ترامب، واستعراض نقاطها الرئيسية المثيرة للجدل، وتقدير مدى نجاحها المحتمل في ظل التحديات السياسية والأمنية الراهنة.
الخطة الأمريكية لغزة: تفاصيل المهلة والبنود المثيرة للجدل
ترتيبات أمنية دولية
فرض قوة استقرار دولية على القطاع.
مناطق "خالية من الإرهاب"
تطبيق البنود في مناطق بمعايير غير واضحة.
تجاهل حل الدولتين
غياب واضح للحلول الشاملة والقرارات الدولية.
استمرار الهيمنة
وصاية دولية تهدد السيادة الفعلية.
أكد ترامب أن خطته تمثل "الفرصة الأخيرة" أمام حركة حماس لوقف الصراع، محددًا الساعة السادسة مساء الأحد (بتوقيت واشنطن) كمهلة نهائية لإبرام اتفاق. على الرغم من عدم الكشف عن كافة تفاصيل الخطة الأمريكية، فإن التسريبات تشير إلى نقاط رئيسية تتضمن:
- ترتيبات أمنية واقتصادية خاصة بغزة، مع ربط انسحاب الجيش الإسرائيلي بتولي قوة استقرار دولية السيطرة على القطاع.
- مفهوم قوة الاستقرار الدولية: تشير قوة الاستقرار الدولية عادة إلى تشكيل عسكري أو شرطي متعدد الجنسيات يُنشر في مناطق النزاع أو ما بعد النزاع للحفاظ على السلام، وضمان الأمن، ودعم الحوكمة الانتقالية، وغالبًا ما يكون ذلك بتفويض من الأمم المتحدة أو من خلال مبادرات إقليمية. من الأمثلة على ذلك بعثات الأمم المتحدة لحفظ السلام، مثل بعثة الأمم المتحدة المتكاملة المتعددة الأبعاد لتحقيق الاستقرار في مالي (MINUSMA)، أو القوة المتعددة الجنسيات التي عملت في البوسنا (IFOR/SFOR) (المجلس الأطلسي).
- تطبيق البنود في مناطق تُصنّف على أنها "خالية من الإرهاب"، وهو ما يثير تساؤلات حول معايير هذا التصنيف ومدى موضوعيته.
- غياب أي ذكر واضح لحل الدولتين، أو للضفة الغربية، أو للقرارات الدولية ذات الصلة (مثل قرارات الأمم المتحدة)، مما يوحي بأن خطة ترامب هي حل لإدارة الأزمة وليس معالجة جذرية لها.
- حل الدولتين والقرارات الدولية: يؤكد المجتمع الدولي، ممثلاً بالأمم المتحدة، باستمرار أن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لتحقيق سلام دائم وشامل للصراع الفلسطيني-الإسرائيلي (الأمم المتحدة). ينص هذا الحل على إقامة دولتين مستقلتين: دولة إسرائيل ودولة فلسطين، وعادة ما يُفترض أن تكون دولة فلسطين على أساس حدود 4 يونيو 1967 مع القدس الشرقية عاصمة لها. كما تضمنت قرارات الأمم المتحدة ذات الصلة، مثل قرار الجمعية العامة 181 (II) لعام 1947، فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين.
أثارت هذه البنود انتقادات واسعة، خاصة فيما يتعلق بفرض وصاية دولية على غزة، واستمرار السيطرة الإسرائيلية الفعلية على القطاع حتى بعد الانسحاب الظاهري، من خلال التحكم في جميع أطرافه.
التحفظات المصرية على خطة ترامب: بين دعم المبدأ ومخاوف الوصاية
ثغرات جوهرية
الخطة تحتاج إلى مزيد من النقاش والتوضيح.
مسائل الحكم في غزة
غياب الوضوح حول إدارة القطاع بعد الاتفاق.
ترتيبات أمنية وسيادة
مدى توافقها مع السيادة الفلسطينية.
مهلة غير كافية لحماس
عدم وجود وقت كافٍ للتشاور مع الفصائل.
وصاية دولية
تهديد صريح لسيادة قطاع غزة.
هيمنة إسرائيلية مستمرة
السيطرة على حدود غزة حتى بعد الانسحاب.
على الرغم من الدعم المصري العام للجهود الرامية إلى إنهاء الصراع، فقد أعرب وزير الخارجية بدر عبد العاطي (رويترز) عن وجود "ثغرات جوهرية" في الخطة الأمريكية، مؤكدًا أن مصر تعمل بالتنسيق مع قطر وتركيا لإقناع حماس بقبولها، مع تحذير صريح من تصاعد الصراع في حال الرفض (جيروزاليم بوست). وأشار عبد العاطي إلى أن خطة ترامب تحتاج إلى مزيد من النقاش، خاصة بشأن:
- مسائل الحكم في غزة بعد أي اتفاق.
- الترتيبات الأمنية ومدى توافقها مع السيادة الفلسطينية.
من جانبه، أكّد السفير المصري الأسبق في إسرائيل، عاطف سالم (تايمز أوف إسرائيل)، أن الخطة:
- لم تمنح حماس فرصة كافية للتشاور مع الفصائل الفلسطينية الأخرى.
- تقترح فرض وصاية دولية على غزة عبر تسليمها لقوة استقرار، مما يهدد سيادة القطاع.
- تربط انسحاب إسرائيل بإرساء السيطرة الدولية، مما يعني استمرار الهيمنة الإسرائيلية على جميع حدود غزة حتى بعد الانسحاب الاسمي.
غياب الرؤية الشاملة: تجاهل خطة ترامب للحقوق الفلسطينية والقرارات الدولية
غياب نظام دولي فعال
عدم القدرة على فرض السلم والأمن في المنطقة.
آلية انسحاب إسرائيل غير واضحة
يسمح بفرض أمر واقع على الأرض.
تجاهل حقوق الشعب الفلسطيني
الحدود، القدس الشرقية، وحق تقرير المصير.
مصير قيادات حماس
لا يوجد ضمانات بعدم الملاحقة من إسرائيل.
أحد أبرز الانتقادات الموجهة إلى خطة ترامب لغزة 2025 هو تجاهلها التام لمبادئ حل الدولتين والقرارات الدولية، مما يثير شكوكًا حول جديتها في معالجة الأسباب الجذرية للصراع. وفق تحليل اللواء أركان حرب وائل ربيع، فإن:
- تأزم غزة يعود أساسًا إلى غياب نظام دولي قادر على فرض السلم والأمن.
- معظم بنود الخطة الأمريكية غير واضحة، خاصة فيما يتعلق بآلية انسحاب إسرائيل، مما يتيح لها فرض أمر واقع على الأرض.
- الخطة لم تتناول الحقوق الثابتة للشعب الفلسطيني، مثل:
- حقه في إقامة دولته على حدود 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
- دلالة حدود 1967 والقدس الشرقية: تشير "حدود 1967" (المعروفة أيضًا بالخط الأخضر) إلى خطوط الهدنة التي وُضعت بعد حرب عام 1948، وقبل حرب الأيام الستة في يونيو 1967. بعد حرب 1967، احتلت إسرائيل القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة. تعتبر هذه الحدود من قبل المجتمع الدولي والفلسطينيين كأساس للدولة الفلسطينية المستقبلية، مع القدس الشرقية كعاصمتها، وذلك لضمان حل عادل وشامل للصراع (بريتانيكا).
- مصير قيادات حماس بعد إبعادهم، ومن يضمن عدم ملاحقتهم من قبل إسرائيل.
التوقعات المستقبلية لخطة ترامب لغزة: ضغط الزمن والتداعيات الإقليمية

في ظل هذه التحفظات، يظل مستقبل خطة ترامب لغزة غير واضح. عدة عوامل ستحدد مصيرها:
- ردود فعل حماس وإسرائيل: حيث إن رفض حماس قد يؤدي إلى تصعيد عسكري جديد، بينما قد تستغل إسرائيل الخطة لتبرير مزيد من الضغوط على القطاع.
- الانتخابات الإسرائيلية واستطلاع الرأي العام، الذي يشير إلى تراجع الدعم الأمريكي لإسرائيل، مما قد يؤثر على مرونة الحكومة الإسرائيلية في المفاوضات.
- إحصائيات حول الدعم الأمريكي لإسرائيل: أظهرت استطلاعات الرأي الأخيرة تراجعًا ملحوظًا في الدعم الأمريكي للعمليات العسكرية الإسرائيلية في غزة. ففي يوليو 2025، أفاد استطلاع أجرته مؤسسة غالوب أن 32% فقط من الأمريكيين يؤيدون العمل العسكري الإسرائيلي في غزة، وهو أدنى مستوى يسجل على الإطلاق (غالوب). كما أظهرت استطلاعات أخرى، مثل تلك التي أجراها مركز بيو للأبحاث في أبريل 2025، أن 53% من الأمريكيين لديهم رأي غير مواتٍ لإسرائيل، بزيادة 11 نقطة (بيو للأبحاث). وتظهر بيانات كوينيبياك في أغسطس 2025 أن 60% من المستجيبين يعارضون تقديم المزيد من المساعدات العسكرية لإسرائيل (بوليتيكو).
- المهلة القصيرة التي حددها ترامب (تنتهي الساعة السادسة مساء الأحد)، والتي تزيد من ضغط الوقت على الأطراف المعنية، وقد تدفع إلى قرارات متسرعة أو رفض تام.
خلاصة خطة ترامب لغزة 2025: بين الأمل والتحديات القائمة
إدارة أزمة لا حل جذري
تركز على وقف القتال دون معالجة الأسباب.
غياب رؤية حل الدولتين
لا يوجد إشارة للحل السياسي الشامل.
تحفظات إقليمية
مصر والمنطقة تعترض على الوصاية الدولية.
غموض بنود الانسحاب
لا وضوح حول انسحاب إسرائيل وحقوق الفلسطينيين.
تمثل خطة ترامب لغزة 2025 محاولة أمريكية لإدارة الأزمة أكثر من كونها حلًا جذريًا، حيث تركز على وقف مؤقت للقتال دون معالجة الأسباب العميقة للصراع. تواجه الخطة تحديات جمة، أبرزها:
- غياب الرؤية الشاملة لحل الدولتين.
- التحفظات المصرية والإقليمية بشأن فرض الوصاية الدولية.
- عدم الوضوح في بنود الانسحاب الإسرائيلي وتضمين الحقوق الفلسطينية.
يبقى السؤال المحوري: هل ستتمكن الأطراف من التغلب على هذه العقبات والتوصل إلى اتفاق يضمن سلامًا مستدامًا في غزة؟ أم أن المنطقة ستشهد مزيدًا من التصعيد في ظل غياب حلول جذرية؟ الإجابة ستتضح خلال الساعات القادمة، مع انقضاء المهلة التي حددها ترامب.
