الذكاء الاصطناعي في الشركات: سد الفجوة القيادية وتحقيق أقصى استفادة
الذكاء الاصطناعي لموظفيك: كيف تجعله يعمل لصالح أعمالك؟

لم يعد الذكاء الاصطناعي مجرد فكرة مستقبلية، بل أصبح أداة أساسية يعتمد عليها الموظفون لإنجاز مهامهم اليومية. استنادًا إلى بحث حديث أجرته HP وYouGov، يؤكد 72% من الموظفين في المملكة المتحدة الذين يستخدمون أدوات الذكاء الاصطناعي أنها توفر وقتهم أسبوعيًا، حيث يوفر واحد من كل عشرة منهم أكثر من خمس ساعات. يستخدم البعض هذه التقنية لتقليل المهام الإدارية، بينما يجدها آخرون وسيلة لزيادة التركيز، تحسين التعاون، والشعور بسيطرة أكبر على يومهم العملي.
لكن هذه المكاسب الإنتاجية لا تأتي دائمًا نتيجة خطط مؤسسية مدروسة. في الغالب، هي نتاج تجارب فردية غير موجهة، حيث يستخدم الموظفون الأدوات المتاحة لهم، غالبًا دون تدريب أو إشراف من قسم تكنولوجيا المعلومات.
في الوقت نفسه، لا يزال أكثر من ربع الشركات في المملكة المتحدة تفتقر إلى استراتيجية رسمية للذكاء الاصطناعي. هذا الوضع يخلق فجوة متنامية: الموظفون يتبنون التقنية بشكل فردي، بينما تتخلف المؤسسات عن مواكبة الركب. إنها ليست فجوة تقنية، بل فجوة في القيادة.
خلال حواراتي مع المديرين التنفيذيين وقادة تكنولوجيا المعلومات في المملكة المتحدة وشمال غرب أوروبا، أرى مزيجًا من الإلحاح والتردد. يتفق الجميع على أن الذكاء الاصطناعي ضروري للمنافسة مستقبلًا، لكن تبقى تساؤلات حول نقطة البداية، وكيفية التوسع بمسؤولية، والموازنة بين التجريب والحوكمة.
هذا التردد مبرر، خصوصًا في القطاعات ذات الأطر التنظيمية الصارمة. لكن مع تبني المزيد من الفرق للذكاء الاصطناعي بشكل عضوي، فإن غياب خطة مركزية يفرض مخاطر جديدة، من تسرب البيانات إلى عدم اتساق الأداء وضياع فرص تحقيق قيمة حقيقية على مستوى الشركة.
فرصة استراتيجية لإعادة الهيكلة التقنية




يمثل اقتراب نهاية دعم نظام ويندوز 10 في عام 2025 فرصة استراتيجية. العديد من المؤسسات تعيد تقييم استراتيجياتها للأجهزة وتخطيط أصولها الرقمية. هذه اللحظة، سواء كانت دافعًا للامتثال أو فرصة للتحديث، هي التوقيت الأمثل لمواءمة قرارات البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات مع أهداف طويلة الأمد تتعلق بتكامل الذكاء الاصطناعي.
نشهد اهتمامًا متزايدًا بأجهزة الكمبيوتر المدعومة بالذكاء الاصطناعي (AI PCs) كجزء من هذه الاستراتيجية. توفر هذه الأجهزة معالجة محلية للبيانات، مما يقلل من زمن الاستجابة ويعزز التحكم في البيانات، وهي ميزات حاسمة للشركات التي تدير بيئات عمل هجينة أو تخضع لمتطلبات تنظيمية صارمة. وبينما يعد تحسين الأداء والخصوصية أمرًا جوهريًا، فإن الفائدة الحقيقية تكمن في جعل الذكاء الاصطناعي جزءًا لا يتجزأ من سير العمل اليومي.
لقد تحدثت مع قادة في تكنولوجيا المعلومات يتبنون الذكاء الاصطناعي تدريجيًا عبر حالات استخدام عملية تهم الموظفين، مثل تلخيص الاجتماعات، إنشاء مسودات أولية، وتقليل المهام المتكررة. ليس من الضروري أن يكون التطبيق معقدًا ليكون فعالًا، بل يجب أن يكون مقصودًا وموجهًا.
من المشاريع التجريبية إلى منصة متكاملة



لا تزال العديد من المؤسسات عالقة في مرحلة "الاختبار والترقب". قد ينجح مشروع تجريبي، لكن الزخم يتلاشى سريعًا لعدم وجود إطار عمل للتوسع أو مقاييس واضحة لتتبع التأثير طويل الأمد. هنا، يظل الذكاء الاصطناعي محصورًا في نطاق محدود، مفيدًا ولكنه غير تحولي.
لتحقيق قيمة حقيقية، يجب على الشركات الانتقال من التفكير في المشاريع المنفصلة إلى بناء أنظمة متكاملة. هذا يعني نقل الذكاء الاصطناعي من المبادرات الجانبية إلى صميم استراتيجية تكنولوجيا المعلومات والأعمال. ويتطلب هذا التحول ثلاثة تغييرات جوهرية في العقلية:
أولًا، الانتقال من التجريب إلى تحديد الأولويات. لم يعد الذكاء الاصطناعي مبادرة ثانوية. إنه يحتاج إلى رعاية وموارد ومؤشرات أداء رئيسية (KPIs) مرتبطة بنتائج ملموسة مثل الإنتاجية وتوفير التكاليف.
ثانيًا، الانتقال من التبني العشوائي إلى التصميم الآمن. يجب دمج الحوكمة وخصوصية البيانات والمساءلة في صميم الاستراتيجية منذ البداية. يحتاج الموظفون إلى إطار واضح يحدد كيفية استخدام الذكاء الاصطناعي وحدوده.
ثالثًا, الانتقال من النشر قصير المدى إلى التمكين طويل الأجل. نجاح الذكاء الاصطناعي لا يقتصر على مجرد توفير الأدوات، بل يتطلب بناء الثقة وتدريب المستخدمين ودعم التبني المستدام. وهذا يعني الاستثمار في البنية التحتية الداعمة، وليس فقط في تراخيص البرامج.
بعض قادة تكنولوجيا المعلومات الأكثر فعالية الذين عملت معهم يبنون فرق عمل للذكاء الاصطناعي تجمع بين مختلف الأقسام، مثل تكنولوجيا المعلومات، البيانات، الموارد البشرية، ووحدات الأعمال. هذه الفرق لا تنسق عمليات النشر فحسب، بل تضع خرائط طريق وتقيّم المخاطر وتطور السياسات بشكل جماعي. هذا النوع من التنسيق هو ما يمكّن الذكاء الاصطناعي من التحول من أداة تكتيكية إلى قوة تحويلية.
الذكاء الاصطناعي الفعال: للأفراد والأعمال

بعيدًا عن الجانب التقني، هناك فائدة إنسانية أوسع. في نفس بحث HP وYouGov، أبلغ مستخدمو الذكاء الاصطناعي عن انخفاض مستويات التوتر (33%)، وتحسن التوازن بين العمل والحياة (38%)، ورضا وظيفي أكبر. عندما يُطبّق الذكاء الاصطناعي بشكل صحيح، فإنه لا يجعل العمل أسرع فحسب، بل يجعله أكثر جدوى وإدارة. وهذا ينعكس إيجابًا على الاحتفاظ بالموظفين، زيادة الإنتاجية، وتحقيق تحولات ثقافية تؤثر مباشرة على الأرباح.
بصفتنا قادة في تكنولوجيا المعلومات، نحن لا ندير الأنظمة فقط، بل نشكل بيئات العمل. مهمتنا هي بناء الأسس التي تسمح للموظفين بتقديم أفضل ما لديهم. وهذا يعني اليوم تصميم أنظمة بيئية يمكن فيها تبني الذكاء الاصطناعي بثقة وأمان واستدامة.
الزخم موجود بالفعل. الموظفون يجربون، والأدوات جاهزة. الفرصة الآن سانحة لتطبيق هيكل تنظيمي مدروس لتحويل تلك المكاسب الفردية إلى تأثير دائم وقابل للقياس على مستوى المؤسسة بأكملها.