ترامب يتدخل لحماية 4chan: صراع على حرية الإنترنت؟

هل تتدخل إدارة ترامب لحماية 4chan من قانون السلامة عبر الإنترنت البريطاني؟


صورة لشارة شرطة على خلفية رقمية

تفاصيل قانون السلامة عبر الإنترنت البريطاني


مواجهة الغرامات الكبيرة: يواجه موقع 4chan الشهير، بالإضافة إلى منصات أخرى مثل Gab وKiwi Farms، خطر فرض غرامات مالية كبيرة قد تصل إلى 18 مليون جنيه إسترليني. هذا التهديد يأتي بموجب قانون السلامة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة، الذي تهدف من خلاله هيئة تنظيم الاتصالات البريطانية "أوفكوم" إلى فرض رقابة صارمة على المحتوى الذي يُصنّف كضار أو غير قانوني على الإنترنت. يفرض هذا القانون على شركات الخدمات عبر الإنترنت، التي لديها عدد كبير من المستخدمين في المملكة المتحدة أو تستهدفهم، مسؤولية قانونية لضمان سلامة المستخدمين، خاصة الأطفال. ويتضمن المحتوى الضار الذي يستهدفه القانون المواد التي تشجع على الانتحار أو إيذاء النفس أو اضطرابات الأكل، بالإضافة إلى المحتوى العنصري أو خطاب الكراهية، والمواد العنيفة أو المسيئة، والتنمر عبر الإنترنت، والتحديات الخطيرة، والمواد الإباحية التي يجب حماية الأطفال من الوصول إليها عبر آليات تحقق فعالة من العمر.

المسعى القانوني الأمريكي ضد القانون البريطاني


إعلان المحامي الأمريكي: في تطور لافت، أعلن المحامي الأمريكي بريستون بيرن، الممثل القانوني لهذه المنصات، عن نيته مقاضاة "أوفكوم" أمام محكمة فدرالية أمريكية. وقد دعا بيرن إدارة ترامب إلى التدخل بجميع "الآليات الدبلوماسية والقانونية المتاحة للولايات المتحدة" لحماية موكليه من تداعيات القانون البريطاني. يتماشى هذا المسعى مع التوجه الجديد لإدارة ترامب الذي يهدف إلى حماية حرية التعبير الأمريكية على الإنترنت من التدخلات الأجنبية، حتى لو شمل ذلك المحتوى الذي يعتبره البعض خطاب كراهية.


صورة جماعية لحكومة ترامب

الحملة الأمريكية لمواجهة التنظيم الدولي: يُعد تدخل الولايات المتحدة هذا جزءًا من حملة أوسع لمواجهة التنظيم الدولي للإنترنت. فقد شهدت الفترة الأخيرة تزايد الضغوط الأمريكية على الاتحاد الأوروبي والمملكة المتحدة بخصوص قوانين السلامة الرقمية. على سبيل المثال، هدد نائب الرئيس الأمريكي بسحب التمويل الدفاعي من الاتحاد الأوروبي في حال عدم تخفيف قيود حرية التعبير، كما فرض وزير الخارجية قيودًا على تأشيرات الدخول للمواطنين الأجانب الذين يشاركون في تطبيق هذه القوانين.

تحديات تطبيق القانون البريطاني وتداعياته


تحديات واسعة في التطبيق: وقد واجه قانون السلامة عبر الإنترنت في المملكة المتحدة تحديات كبيرة في التطبيق، مما دفع شركات أمريكية بارزة مثل ريديت وبلو سكاي وإكس وجريندر إلى تطبيق أنظمة التحقق من العمر. أثارت هذه الخطوة جدلاً واسعًا حول سهولة وصول المستخدمين للخدمات، ووصل الأمر إلى قيام موسوعة ويكيبيديا برفع دعوى قضائية في المحاكم البريطانية اعتراضًا على بعض بنود القانون. تضمنت الصعوبات أيضًا وضع حواجز أمام المستخدمين الراغبين في الوصول إلى الأخبار العالمية، والاستماع إلى الموسيقى على سبوتيفاي، أو الدردشة على ديسكورد، أو ممارسة ألعاب الفيديو، وذلك بسبب متطلبات التحقق من العمر وقيود المحتوى التي فرضها القانون، حسب ما ذكرته مصادر في أغسطس 2025.

الأساس الدستوري والحلول الدبلوماسية الممكنة


دعوى بيرن والضمانات الدستورية: يسعى المحامي بيرن من خلال دعواه القضائية إلى أن تعلن محكمة فدرالية أمريكية عدم قابلية القانون البريطاني للتطبيق على الشركات الأمريكية. ويستند في ذلك إلى أن التعديل الأول للدستور الأمريكي يضمن حرية التعبير، ويعتقد أنه قادر على إيقاف سريان هذا القانون عند حدود الولايات المتحدة. وقد أشار بيرن إلى استجابة إدارة ترامب السابقة في قضايا مشابهة، مستشهداً بتدخلها لإيقاف مذكرات قضائية ألمانية ضد أحد موكليه بعد التواصل مع الإدارة.


جدارية توضح الحريات الخمس التي يكفلها التعديل الأول

فعالية "الحلول الدبلوماسية": قد تكون "الحلول الدبلوماسية" لإدارة ترامب أكثر فاعلية وقوة في هذا السياق. وقد تجلى ذلك سابقًا في فرض رسوم جمركية على البرازيل وسحب تأشيرات قضاة برازيليين، وذلك ردًا على إجراءات اتُخذت ضد شركات أمريكية بسبب محتواها على منصات التواصل الاجتماعي.


خريطة البعثات الدبلوماسية الأمريكية

الصراع على السيادة الرقمية وتداعياته العالمية


حماية حقوق التعديل الأول: على الرغم من أن منصات مثل 4chan وGab وKiwi Farms تُعرف بكونها بؤرًا للمحتوى العنصري وخطاب الكراهية والتطرف، وقد ارتبطت بحوادث عنف وتحرش خطيرة، يرى المحامي بيرن أن القضية الجوهرية تتمثل في حماية حقوق التعديل الأول للدستور الأمريكي. تسمح هذه المواقع لمستخدميها بالنشر المجهول، وهو ما يفسر استهداف "أوفكوم" لها، حيث اتهمت الهيئة 4chan بالفشل في تقييم المخاطر والامتثال لواجبات السلامة المنصوص عليها في القانون البريطاني، كما يتطلب القانون من مقدمي الخدمات إكمال تقييم مخاطر المحتوى غير القانوني.

استعراض غير مسبوق للقوة: إن دعم الحكومة الأمريكية لمنصات مثل 4chan سيمثل استعراضًا غير مسبوق للقوة، وقد يؤدي إلى إضعاف قوانين تنظيم الإنترنت المشابهة، مثل قانون الخدمات الرقمية الأوروبي وقانون السلامة عبر الإنترنت البريطاني. من المثير للدهشة أن هذا الموقف يتناقض مع الإجراءات الداخلية لوزارة الخارجية الأمريكية، التي سبق وأن رفضت طلبات تأشيرات الطلاب بناءً على محتوى مؤيد للفلسطينيين على وسائل التواصل الاجتماعي.

تجدد الصراع العالمي: تُظهر هذه القضية تجدد الصراع العالمي حول السيادة الرقمية، الذي تعود جذوره إلى قضية حكومة فرنسا ضد ياهو عام 2000 بخصوص بيع القطع الأثرية النازية عبر الإنترنت. تلك القضية انتهت بالاتفاق على حجب المحتوى المسيء داخل فرنسا، مما أدى إلى تجزئة محتوى الإنترنت حسب الولاية القضائية لكل دولة. يسعى بيرن حاليًا لكسر هذا الاتفاق، مؤكدًا أن موكليه لن يسمحوا لحكومة أجنبية بمعاقبتهم أو تكليفهم بفرض رقابة على شعوبها. ويشير إلى أن "أوفكوم" لديها خيار حجب 4chan محليًا في المملكة المتحدة إذا رأت ذلك ضروريًا.

Next Post Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url