شتاء 2025/2026: توقعات الطقس بين الدفء وتأثير النينو
توقعات الشتاء 2025/2026: هل سيكون دافئًا أم سيطغى تأثير "النينو" العالمي؟

مع اقتراب موسم الشتاء: تتركز التوقعات الجوية على فصل 2025/2026، خاصة في ألمانيا وتحديدًا في ولاية شمال الراين-وستفاليا. تشير المؤشرات الأولية لـ توقعات الطقس إلى احتمالية أن يكون الشتاء معتدلاً، مع درجات حرارة أعلى من المتوسطات التاريخية بنحو 1-2 درجة مئوية خلال شهري نوفمبر وديسمبر. عادةً ما تتراوح درجات الحرارة المتوسطة في شمال الراين-وستفاليا خلال نوفمبر بين 4-7 درجات مئوية، وفي ديسمبر بين 1-4 درجات مئوية. ومع ذلك، فإن هذه التنبؤات تحمل درجة عالية من عدم اليقين، نظرًا للتغيرات المناخية المتسارعة والتفاعلات المعقدة بين العوامل الجوية العالمية، مما يزيد من صعوبة التنبؤات طويلة الأجل. لفهم أعمق حول تأثير تغير المناخ على توقعات الطقس الشتوية، يمكن الرجوع إلى تقارير الهيئة الحكومية الدولية المعنية بتغير المناخ (IPCC).
الدوامة القطبية: عامل حاسم في أنماط طقس أوروبا الشتوي

تعتبر الدوامة القطبية: وهي نظام ضغط جوي منخفض فوق القطب الشمالي، المحرك الرئيسي لأنماط الطقس الشتوي في أوروبا. عندما تكون الدوامة القطبية مستقرة، فإنها تحبس الهواء البارد داخل المناطق القطبية، مما يؤدي إلى طقس معتدل في معظم أنحاء القارة الأوروبية. أما إذا ضعفت أو أصبحت غير مستقرة، فقد تتسبب في اندفاعات هواء بارد نحو الجنوب، مما يجلب موجات برد قوية وتساقطًا كثيفًا للثلوج، خاصة خلال شهري يناير وفبراير. من الأمثلة البارزة على تأثير ضعف الدوامة القطبية هو شتاء 2018، حيث شهدت أجزاء واسعة من أوروبا موجة برد شديدة وتساقطًا كثيفًا للثلوج بسبب تفكك الدوامة القطبية الستراتوسفيرية. تشير الدراسات إلى أن أحداث ضعف الدوامة القطبية قد تتكرر بشكل أكثر تواترًا مع تغير المناخ العالمي، ولكن الآلية الدقيقة وتأثيراتها طويلة المدى لا تزال قيد البحث المكثف. يمكن الاطلاع على المزيد من التفاصيل حول الدوامة القطبية وتأثيراتها من خلال الإدارة الوطنية للمحيطات والغلاف الجوي (NOAA).
تشير التوقعات الحالية: إلى أن سلوك الدوامة القطبية سيبقى غير مؤكد حتى اقتراب فصل الشتاء الفعلي. فبينما قد يشهد الموسم تساقطًا مبكرًا للثلوج أو طقسًا عاصفًا وممطرًا، إلا أن احتمال حدوث اندفاعة برد مفاجئة وقوية في منتصف الموسم لا يزال واردًا بقوة. يعتمد المسار الفعلي للشتاء على التفاعلات المعقدة في الغلاف الجوي، مما يجعل التنبؤ الدقيق أمرًا صعبًا.
ظاهرة "النينو" (ENSO): تأثيرات عالمية واسعة النطاق

تلعب ظاهرة "النينو والتذبذب الجنوبي" (El Niño-Southern Oscillation - ENSO): دورًا حاسمًا في تشكيل أنماط الطقس والمناخ العالمية. تتكون هذه الظاهرة الطبيعية من ثلاث مراحل رئيسية: "النينو" (المرحلة الدافئة التي تتميز بارتفاع درجة حرارة سطح مياه المحيط الهادئ الاستوائي)، و"لا نينيا" (المرحلة الباردة حيث تنخفض درجة حرارة سطح المياه)، والمرحلة المحايدة. تؤثر هذه الظواهر بشكل كبير على التيارات النفاثة (Jet Stream)، والتي بدورها تحرك الكتل الهوائية وتؤثر على توزيع درجات الحرارة والأمطار حول العالم. يمكن أن يؤدي "النينو" إلى طقس أكثر اعتدالًا ورطوبة في أوروبا، بينما قد تجلب "لا نينيا" موجات برد وتساقط ثلوج مكثف. على سبيل المثال، خلال حدث النينو القوي في شتاء 1997-1998، شهدت أجزاء من شمال أوروبا شتاءً معتدلًا ورطبًا بشكل ملحوظ. لمعرفة المزيد عن دورة ENSO وتأثيراتها، يمكن زيارة مركز التنبؤ بالمناخ التابع لـ NOAA.
لكن تأثيرات "النينو": تتجاوز أوروبا بكثير، حيث يمكن أن تسبب جفافًا شديدًا أو فيضانات مدمرة أو فشل محاصيل زراعية في قارات مثل أمريكا الشمالية والجنوبية وأفريقيا وآسيا. كما تؤثر هذه الظاهرة على موسم الأعاصير المدارية، مما قد ينعكس على الأسواق العالمية وسلاسل التوريد الحيوية و أسعار الطاقة. نظرًا لتأثيراتها الواسعة النطاق والمتشابكة، فإن مراقبة تطورات ظاهرة "النينو" أصبحت أولوية قصوى للعديد من القطاعات الاقتصادية والبيئية.
توقعات الطقس المحلية: شتاء أكثر دفئًا مع احتمالات للتقلبات
في ولاية شمال الراين-وستفاليا بألمانيا: يشير خبراء الأرصاد الجوية، مثل دومينيك يونغ (Dominic Jung)، وهو خبير أرصاد جوية معروف في ألمانيا، إلى أن درجات الحرارة ستظل أعلى من المتوسط طويل الأمد خلال فصل الشتاء. ويُتوقع أن يستمر هذا الاتجاه حتى شهري يناير وفبراير. تستند هذه التوقعات غالبًا إلى نماذج مناخية متقدمة طويلة الأجل وتحليل دقيق للأنماط الجوية السائدة على مستوى المنطقة والعالم. وعلى الرغم من أن تساقط الثلوج الخفيف ليس مستبعدًا تمامًا، إلا أن احتمالات "عيد الميلاد الأبيض" تظل ضئيلة في ظل الاتجاه العام نحو الدفء المتزايد.
ومع ذلك: فإن التقلبات الجوية المفاجئة لا تزال ممكنة الحدوث، خاصة إذا تفاعلت الدوامة القطبية مع تغيرات حادة في ظاهرة "النينو" العالمية. لذلك، فإن الاستعداد لمختلف السيناريوهات – من الطقس المعتدل إلى الموجات الباردة القصيرة والمفاجئة – يظل ضروريًا لجميع سكان المنطقة والقطاعات المتأثرة.
استنتاجات وتوصيات: حذر ومتابعة مستمرة لتوقعات الطقس

في الختام: تظل توقعات فصل الشتاء 2025/2026 محاطة ببعض عدم اليقين، مع ميل عام نحو الدفء. ومع ذلك، فإن التغيرات المفاجئة في سلوك الدوامة القطبية أو ظاهرة "النينو" يمكن أن تغير المسار المتوقع بشكل كبير جدًا. لذلك، يجب متابعة التطورات الجوية والنشرات الإخبارية للطقس بانتظام والاستعداد لمختلف الاحتمالات، سواء كان ذلك طقسًا معتدلًا وممطرًا أو موجات برد قصيرة ومفاجئة. في حين أن "الشتاء الحقيقي" البارد قد يكون أقل احتمالًا بناءً على المؤشرات الأولية، إلا أن الطبيعة المتقلبة للمناخ تعني أن المفاجآت لا تزال ممكنة دائمًا، مما يستدعي اليقظة والتأهب.