هل حاولت الإدارة الأمريكية حذف الحقوق الدستورية؟
الخلل التقني بمكتبة الكونغرس وحق أمر الإحضار
أزمة "أمر الإحضار" والجدل السياسي

الخلل التقني: شهدت صفحة "الدستور المشروح" على الموقع الرسمي لمكتبة الكونغرس الأمريكية "خللاً تقنياً"، نتج عنه حذف مؤقت للبند التاسع من المادة الأولى للدستور. هذا البند يضمن الحق الأساسي في المثول أمام القضاء، المعروف بـ "أمر الإحضار" (Habeas Corpus)، والذي يُلزم الحكومة بتقديم مبررات قانونية لأي عملية احتجاز. ويتطلب فهم أهمية هذا الحق، المعروف بـ "الالتماس العظيم"، إدراك أنه أحد أقدم الضمانات للحريات الفردية، حيث يحمي الأفراد من الاحتجاز التعسفي وغير القانوني من قبل السلطة التنفيذية، ويعد حجر الزاوية في النظام القانوني الأمريكي. للمزيد من التفاصيل حول تاريخ وأهمية هذا الحق، يمكنك مراجعة المصدر من ACLU.
فترة حساسة: جاء هذا الحذف في فترة حساسة، حيث كان ستيفن ميلر، الذي شغل منصب كبير موظفي البيت الأبيض، يطرح علناً فكرة تعليق هذا الحق الدستوري لدعم سياسات الرئيس في اعتقال وترحيل المهاجرين. وفي سياق متصل، حاولت وزيرة الأمن الداخلي، كريستي نيلسن، في الشهر نفسه تقديم تفسير مغلوط للحق، مدعيةً أنه "حق دستوري يمتلكه الرئيس لترحيل الأشخاص من البلاد"، وهو ما يناقض جوهر هذا الضمان القانوني. وعندما وُجه سؤال للرئيس حول الإجراءات القانونية الواجبة ومدى التزامه بالدستور، كانت إجابته: "لا أعرف".
كشف التفاصيل والتبريرات الرسمية

اختفاء البند التاسع: لقد اختفى البند التاسع من المادة الأولى، الذي ينص بوضوح على أنه "لا يجوز تعليق امتياز أمر الإحضار، إلا في حالات التمرد أو الغزو عندما تستدعي السلامة العامة ذلك"، من صفحة مكتبة الكونغرس. وفي صباح أحد الأيام، أبلغ مسؤولو الإدارة موظفيهم بأن الحذف كان نتيجة "خلل فني"، مما دفع الموظفين إلى العمل سريعاً على إصلاح المشكلة وتحديد سببها، بالإضافة إلى مراجعة شاملة للموقع للتأكد من عدم وجود أي حذوفات أخرى.
شكوك الموظفين الفيدراليين: أثار تبرير "الخلل الفني" شكوك بعض الموظفين الفيدراليين، خاصةً أن الحذف تزامن مع جهود الإدارة الحالية لتقويض أجزاء من الدستور بشكل معلن. ووصفت إحدى الموظفات الموقف بأنه "مصادفة مثيرة للسخرية". لاحقاً، أعلنت مكتبة الكونغرس رسمياً أن الحذف كان بسبب "خطأ في البرمجة"، وأصدرت بياناً عبر منصة "إكس" (تويتر سابقاً) جاء فيه: "لقد تلقينا ملاحظات تفيد بفقدان بعض أقسام المادة الأولى من موقع الدستور المشروح. لقد علمنا أن هذا يرجع إلى خطأ في البرمجة. نعمل على تصحيحه ونتوقع حله قريباً". كما تم وضع لافتة على الموقع تقول: "موقع الدستور المشروح يواجه حالياً مشاكل في البيانات. نعمل على حل هذه المشكلة ونأسف للإزعاج".
تبعات الحذف ومحاولات السيطرة
استعادة المحتوى: بحلول فترة ما بعد الظهر، تمت استعادة الأجزاء المحذوفة من الدستور إلى صفحة الويب. وأكدت مكتبة الكونغرس في رسالة بريد إلكتروني أن "خطأً فنياً أدى إلى فقدان بعض أقسام المادة الأولى مؤقتاً من موقع الدستور المشروح. تم تصحيح المشكلة، واستعادة الأقسام المفقودة". تجدر الإشارة إلى أن مجرد حذف أجزاء من الدستور الأمريكي من موقع إلكتروني — لمؤسسة لا تُعتبر الوصي الرسمي على الدستور — لا يغير من القانون الأمريكي شيئاً. ولكن، بغض النظر عما تنص عليه الوثيقة، فقد أوضح الرئيس وكبار معينيه نيتهم في تجاوز الدستور قدر الإمكان.
محاولات السيطرة: تأتي هذه التعديلات في وقت كان الرئيس يسعى فيه إلى بسط سيطرته على مكتبة الكونغرس، رغم أن الوكالة هي جزء من السلطة التشريعية. تعمل المكتبة كذراع بحثي للكونغرس، وتحتفظ بأكبر مجموعة في العالم من الكتب والمخطوطات والخرائط والصور والتسجيلات. في شهر مايو، أعلن الرئيس عن إقالة كارلا هايدن، أمينة مكتبة الكونغرس، قبل انتهاء فترة ولايتها البالغة 10 سنوات، وسعى لتعيين نائب المدعي العام تود بلانش، الذي كان محامياً شخصياً للرئيس، ليحل محلها. وبعد أن رفض قاضٍ في البداية منع إنهاء خدمة هايدن، قدمت استئنافاً إلى محكمة الاستئناف الأمريكية لدائرة مقاطعة كولومبيا.