المكسيك: كيف تكشف جثث الخنازير أسرار آلاف المفقودين؟
الأساليب العلمية الحديثة لتحديد المقابر الجماعية في المكسيك

مقدمة عن الاختفاءات: يستكشف هذا المقال الأساليب العلمية الحديثة المستخدمة في المكسيك لتحديد مواقع المقابر الجماعية لضحايا العنف المرتبط بالعصابات. فمنذ عام 2006، تشير التقديرات إلى اختفاء أكثر من 100 ألف شخص في ظروف غامضة، مع الإبلاغ عن حوالي 15,500 حالة اختفاء في مارس وحده من هذا العام، مما دفع بالباحثين والمنظمات الإنسانية إلى البحث عن حلول مبتكرة.
واقع مظلم في ولاية خاليسكو
العنف في خاليسكو: في ولاية خاليسكو المكسيكية، التي تشتهر بموسيقى المارياتشي التقليدية والاحتفالات، يختبئ واقع مظلم يتمثل في آلاف الضحايا الذين يقعون فريسة للعنف المرتبط بعصابة خاليسكو نويفا خينراسيون. وتُعرف عصابة خاليسكو نويفا خينراسيون (CJNG) بأنها منظمة إجرامية عابرة للحدود، ظهرت من رحم "كارتل ميلينيو" وتشتهر باستخدامها المفرط للعنف وحملاتها الإعلامية المنظمة. ورغم الجهود المضنية التي تبذلها مجموعات مثل "مجموعة محاربي البحث"، فإن العثور على رفات المفقودين غالبًا ما يكون بلا جدوى. فقد عُثر على مئات القطع من الملابس وبقايا بشرية متفحمة يصعب التعرف عليها في الممتلكات التي تم تفتيشها.
الخنازير كنموذج علمي لدراسة التحلل البشري
تشابه الأجسام: تُظهر الأبحاث الحديثة أن استخدام جثث الخنازير يوفر نموذجًا مثاليًا لدراسة تحلل الأجسام البشرية، نظرًا للتشابه الكبير في التركيب التشريحي بينها وبين البشر، حيث يتشارك الجنس البشري بنسبة 98% من حمضه النووي مع هذه الثدييات. هذا النهج ضروري لأن معظم الجثث البشرية التي يُتبرع بها للمرافق التابوتية، المعروفة باسم "مزارع الأجسام"، تكون عادةً لكبار السن الذين يتوفون لأسباب طبيعية. وهذه المرافق هي عبارة عن منشآت بحثية متخصصة في دراسة تحلل الأجسام في ظروف متنوعة بهدف تطوير تقنيات تساعد في تحديد زمن الوفاة وظروفها. ويختلف هذا عن ضحايا العصابات الذين غالبًا ما يكونون بالغين يفقدون حياتهم بسبب العنف. كما أن تشابه بنية الجلد وسمكه يجعل الخنازير مثالية لدراسة استعمار الحشرات بعد الوفاة وعمليات التحلل الأخرى.
مؤشرات كيميائية تدل على المقابر
الفوسفور والزهور الصفراء: اكتسب العلماء الشرعيون في خاليسكو خبرة في التعرف على علامات مميزة للمقابر المخفية. فبعد دفن جثث الخنازير في إحدى منشآت لجنة البحث، لاحظ العلماء بقيادة منسق مشروع رسم الخرائط، خوسيه لويس سيلفان، ازدهار الزهور الصفراء نتيجة تسرب الفوسفور من سوائل الجسم المتحللة إلى التربة. كما ربطت مجموعة أخرى من الباحثين الذين أجروا تجاربهم الخاصة على الخنازير، مستويات الفوسفور في التربة بعملية التحلل. ويُعرف الفوسفور بكونه محفزًا لتزهير النباتات، مما يجعل وجود الزهور الصفراء دليلاً مرشدًا للباحثين عن المقابر.
تقنيات جوية لتحديد مواقع الدفن

الطائرات بدون طيار: بالإضافة إلى ذلك، تُستخدم طائرات بدون طيار مجهزة بكاميرات فرط الطيف، وهي إحدى تطبيقات الذكاء الاصطناعي، للكشف عن عناصر أخرى تنطلق أثناء تحلل جثث الخنازير، مثل النيتروجين والبوتاسيوم. يعود النيتروجين، الموجود في الأنسجة العضوية للكائنات الحية، إلى التربة في صورة أمونيا غير عضوية عندما تبدأ الفطريات والميكروبات في تحليل الأنسجة الميتة. أما البوتاسيوم، فيُمكن أن يُطلق في المراحل المبكرة من التحلل لأنه لا يرتبط بالكربون في شكل عضوي، مما يجعل وجوده مؤشرًا محتملاً للعثور على جثة شخص فُقد مؤخرًا.
دور الحشرات في علم الأدلة الجنائية

تحليل الحشرات: يُجري سيلفان وزملاؤه الباحثون أيضًا دراسات على جثث تتحلل في الوقت الفعلي خلف لوح أكريليك شفاف، ويقومون بتحليل عينات التربة من مقابر الخنازير ومقارنتها بتلك المأخوذة من مقابر بشرية. تُعد هذه الدراسات ذات أهمية خاصة فيما يتعلق بنشاط الحشرات، حيث تستعمر بعض الأنواع، مثل الذباب الأزرق، الجثث مبكرًا، بينما تظهر أنواع أخرى لاحقًا. ويمكن لمراحل نمو اليرقات عند اكتشاف الجثة أن تكشف عن مقدار الوقت الذي مر منذ الوفاة.
دلائل من شهادات الأهالي
مواقع الدفن الشائعة: كشفت معلومات قدمها أفراد عائلات عثروا على مقابر سرية، أن ضحايا جرائم العصابات غالبًا ما يُعثر عليهم في أماكن معينة، حيث يفضل حفارو القبور البقاء في الظل تحت أشعة الشمس المكسيكية الحارقة، مما يؤدي إلى وجود العديد من هذه المقابر تحت الأشجار ذات الجذور العمودية. ويمكن أيضًا التعرف على مقابر أخرى من خلال وضع التربة والنباتات الذي يبدو غير طبيعي مقارنة بالبيئة المحيطة.
دعوة دولية للاعتراف بجهود الباحثين
ضرورة الدعم والاعتراف: في سياق هذه المأساة الفظيعة، دعت منظمة العفو الدولية المكسيكية الدولة إلى الانخراط في حوار مع الباحثين، والاستماع إلى احتياجاتهم، والاعتراف بالخبرة التي اكتسبوها على مدار سنوات طويلة من العمل الميداني، مع ضمان حقهم في البحث دون خوف.