الهند وباكستان : صراع حدودي وصراع على الأسلحة النووية على شفا الكارثة

الهند وباكستان: صراع حدودي وصراع على الأسلحة النووية على شفا الكارثة



تتجدد التوترات بين الهند وباكستان، الدولتين المالكتين للأسلحة النووية، في صراع يتجاوز حدود الأرض إلى صراع وجودي وتهديد عالمي. منذ تقسيم شبه القارة عام ألف وتسعمئة وسبعة وأربعين، لم يتوقف الخلاف حول كشمير، وحتى اليوم يهدد أي تصعيد حدودي بإشعال فتيل مواجهة نووية.

الشرارة الأخيرة: حادث بهلجم (٢٢ أبريل ٢٠٢٥)

في الثلاثاء الثاني والعشرين من أبريل ألفين وخمسة وعشرين، هزّ هجوم مسلح منطقة بهلجم في كشمير الخاضعة لإدارة الهند. أطلق مسلحون النار على مجموعة من السيّاح، فراح ضحية الهجوم ستة وعشرين قتيلاً، وأُصيب آخرون نُقلوا إلى المستشفيات. وأكد الناجون أن الضحايا لم يكونوا مسلمين، واتّهمت نيودلهي جماعة “جبهة المقاومة” المرتبطة بلشكر طيبة الباكستانية.

ردود الأفعال والإجراءات التصعيدية

أعلنت الحكومة الهندية برئاسة ناريندرا مودي عن خمس خطوات فورية للرد على الهجوم وضمان أمن كشمير والسياح فيها:

١. تجميد معاهدة مياه نهر السند حتى توقف باكستان دعم الجماعات الإرهابية وتسلم المتورطين.

٢. طرد الملحقين العسكريين من سفارة باكستان في نيودلهي، ورد باكستان بطرد الدبلوماسيين الهنود.

٣. إلغاء التأشيرات الممنوحة للمواطنين الباكستانيين إلى الهند، ورد باكستان بإلغاء تأشيرات الهنود.

٤. إغلاق المعبر البري الوحيد بين البلدين، وتوقف باكستان عن فتح مجالها الجوي أمام الطيران الهندي.

٥. تعليق التجارة الثنائية وفرض قيود اقتصادية مع المتابعة بتصريحات رسمية عن استعداد لرد أقوى إذا استمر التصعيد.

جذور الصراع: تقسيم كشمير وتاريخ التوتر

انطلقت شرارة النزاع عام ألف وتسعمئة وسبعة وأربعين، مع تقسيم الهند وباكستان على أساس ديني، وجاء قرار مهراجا كشمير بالانضمام للهند رغم غالبية سُكانها المسلمين ليطلق حرباً لا تزال مستمرة. احتلّت الهند ثلثَي الإقليم، ورفضت التنازل عنه رغم قرارات الأمم المتحدة المتعاقبة. وتطورت المواجهات إلى ثلاث حروب رئيسية أعوام ألف وتسعمئة وسبعة وأربعين، ألف وتسعمئة وخمسة وستين، وألف وتسعمئة وواحد وسبعين، قبل أن يستقرَّ الوضع على تقاسم السيطرة بين نيودلهي وإسلام آباد وبكين.

السكان الكشميريون: ضحية صراع الكبار

يبلغ عدد سكّان كشمير نحو ثلاثة عشرة مليون نسمة، نحو تسعين بالمئة منهم مسلمون. يعانون اليوم من سياسات تغيير التركيبة الديموغرافية، وهدم المنازل وإبطال الحقوق، كما تُقطع خدمات الاتصالات منعاً لوصول تقارير الانتهاكات إلى العالم.

القوة العسكرية والترسانة النووية

تُصنّف جيوش الهند وباكستان ضمن أقوى عشر جيوش عالمياً، وتستثمران بكثافة في الأسلحة التقليدية والنوى. تمتلك الهند صواريخ “أجني” بمديات تصل إلى ثمانية آلاف كيلومتر، وباكستان صواريخ “شاهين” و“أبابيل” بالتعاون الصيني. بعد تجارب نووية في السبعينيات والثمانينيات، بلغ رصيد الهند نحو مائة وأربعين رأساً نووياً، وباكستان مائة وستين رأساً تقريباً.

سيناريو الكارثة النووية واتفاقية الحذر

حذَّر خبراء معهد ستوكهولم للسلام من أن استخدام الأسلحة النووية في مواجهة بين الهند وباكستان قد يحصد مئات الملايين من الأرواح وينتج غباراً ذرياً يحجب أشعة الشمس ويهدد الأمن الغذائي العالمي.

اتفق الطرفان عام ألف وتسعمئة وثمانية وثمانين على “اتفاقية عدم الاعتداء على المنشآت النووية” لمنع أي هجوم على مواقع الطاقة النووية، وتحتوي على ثلاثة بنود رئيسية:

• إبلاغ سنوي متبادل بأماكن المنشآت النووية السرية قبل بداية كل عام.

• تخفيض الرؤوس النووية المصنّعة أو المخزنة بشكل تدريجي.

• التعهد بعدم مهاجمة المنشآت النووية أو مساعدة أطراف خارجية على ذلك.

الوضع الحالي والمستقبل المجهول

رغم التصعيد الدبلوماسي والاقتصادي، يتجنب الطرفان حتى الآن فتح جبهة نووية مباشرة، مدركين حجم المخاطر. لكن أي شرارة جديدة في كشمير قد تدفع الهند وباكستان إلى اختبار قواعد الاشتباك النووي، مما يضع العالم كله على المحك.

Previous Post
No Comment
Add Comment
comment url