**غواصات نووية وتصريحات ميدفيديف: هل تعود الحرب الباردة؟**
تصاعد التوترات النووية: نشر غواصات أمريكية وتصريحات ميدفيديف حول "اليد الميتة" الروسية
شهد عام 2025: تصعيدًا ملحوظًا في التوترات بين الولايات المتحدة وروسيا، حيث تمثل ذلك في قرار الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بنشر غواصتين نوويتين بالقرب من الحدود الروسية. هذا التحرك الأمريكي جاء استجابةً لتصريحات وصفت بـ"الاستفزازية" من جانب نائب رئيس مجلس الأمن الروسي، ديمتري ميدفيديف، التي ركزت على القدرات النووية الروسية المتطورة. وقد أثارت هذه التطورات جدلاً واسعًا وتحذيرات من خبراء الأمن الدولي حول تزايد مخاطر سوء التقدير والتصعيد المحتمل.
جذور التصعيد: تطور الخطاب من الانتقاد إلى التهديد النووي
بداية التوتر: بدأ تصاعد التوتر بتغيير واضح في لهجة الرئيس ترامب تجاه روسيا، حيث عبّر عن انتقادات حادة لاستمرار العمليات العسكرية في أوكرانيا، وهدد بفرض عقوبات اقتصادية إضافية. جاء رد ديمتري ميدفيديف على هذه التهديدات بانتقاد لاذع، مذكّرًا الرئيس ترامب بالقدرات النووية الروسية، وتحديدًا بإشارته إلى نظام "اليد الميتة" النووي، المعروف أيضاً باسم نظام "بيريميتر" أو "المحيط".
يهدف هذا النظام، الذي طورته روسيا خلال الثمانينيات كاستجابة لمبادرة "حرب النجوم" الأمريكية، إلى ضمان إطلاق الأسلحة النووية الروسية بشكل تلقائي وفوري في حال تعرض البلاد لهجوم نووي واسع النطاق، حتى في غياب أي قدرة على اتخاذ القرار من القيادة المركزية. وقد أكد ميدفيديف مؤخرًا أن هذا النظام أصبح "أكثر تطورًا الآن"، مما يضمن ردًا نوويًا لا مفر منه على أي هجوم تتعرض له روسيا. (المصدر: RT Arabic، 31 يوليو 2025).
نشر الغواصات النووية الأمريكية: هل هو ردع أم استعراض للقوة العسكرية؟
قرار ترامب: في ظل تصاعد حدة الخطاب الروسي، أصدر الرئيس ترامب أوامر بنشر غواصتين نوويتين، مؤكدًا أن "الكلمات لها وزن كبير" وأنها قد تؤدي إلى تداعيات غير مقصودة.
أهداف القرار: أثار هذا القرار تساؤلات واسعة بشأن الأهداف الكامنة وراءه، وما إذا كان يهدف إلى إرسال رسالة ردع نووية حاسمة إلى روسيا، أم أنه مجرد استعراض للعضلات العسكرية. وقد لاقى هذا التحرك انتقادات من العديد من الخبراء في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، بمن فيهم مستشار الأمن القومي الأمريكي السابق، جون بولتون، الذي علّق بأن ترامب "لا يفهم آليات الردع النووي وكيفية عملها بفعالية".
المخاطر الجيوسياسية: سوء التقدير وعودة محتملة للحرب الباردة
مخاطر التصعيد: يُثير هذا التصعيد الأخير قلقًا بالغًا حول إمكانية حدوث سوء تفاهم استراتيجي وتصعيد غير مقصود بين القوى الكبرى. ففي ظل التوترات الجيوسياسية المتصاعدة، يمكن لأي خطأ في التقدير أو تفسير خاطئ للإشارات أن يؤدي إلى تصعيد عسكري سريع وخارج عن السيطرة.
التعقيدات الحالية: يزداد هذا الوضع تعقيدًا مع استمرار الصراع الروسي الأوكراني، مما يزيد من صعوبة التنبؤ بالتطورات المستقبلية ويشكل تحديًا كبيرًا للاستقرار العالمي.
مستقبل العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا: نحو حقبة جديدة من التوتر أم حوار دبلوماسي؟
التساؤل المستمر: يظل التساؤل قائمًا حول ما إذا كان هذا التصعيد الحالي سيُفضي إلى تخفيف حدة التوترات وإيجاد حلول دبلوماسية مستدامة للصراع، أم أنه سيقود العالم نحو حقبة جديدة من الحرب الباردة، التي تتسم بالشكوك المتبادلة والتهديدات المستمرة بين القوتين النوويتين العظميين.
مسار السلام: على الرغم من إعراب الرئيس ترامب عن أمله في إنهاء الصراع الروسي الأوكراني، إلا أن الإجراءات الأخيرة تشير إلى أن مسار تحقيق السلام والاستقرار العالمي لا يزال محفوفًا بالصعوبات والتحديات الجسيمة.
متطلبات تفادي التصعيد: يتطلب تفادي المزيد من التصعيد غير المرغوب فيه تعزيز الحوار المفتوح والشفاف بين واشنطن وموسكو، والالتزام الصارم بمبادئ الردع النووي المسؤول، مع تجنب أي تصريحات أو تحركات قد تُفسر بشكل خاطئ وتؤدي إلى تصعيد غير متوقع للمواجهة.